هل يجوز إزالة مخالفات البناء القديمة؟
كثيرًا ما يسعى المواطنون للحصول على تراخيص بناء في
الماضي، ولكن البيروقراطية والتعقيدات الحكومية، والمرتشين من العاملين بالمحليات
كانوا يقفون حجر عثرة أمام ذلك الإجراء القانوني، وسرعان ما كان هؤلاء المرتشون
يسهلون أعمال البناء بدون ترخيص للحصول على تسعيرة إجبارية عن كل دور مخالف.
وما أن يذهب هؤلاء المرتشون حتى يأتي من بعدهم مرتشون آخرون يساومون على تلك المخالفات، فإذا امتنع المالك عن دفع الرشوة تحركت الإجراءات القانونية ضده بتهمة "البناء بدون ترخيص"، وكأن العقار المكون من أربعة عشر طابقًا قد هبط من السماء أو إنشقت عنه الأرض، والضحية هو المالك الذي فشل من البداية في الحصول على الترخيص.. هذه بإيجاز قصة معاناة كثيرٌ من المصريين.
لماذا يهرب الأبرياء دائمًا؟
وأمامنا اليوم مثال حي لتزوير فاضح من المحليات، إدعى فيه المختصون أن المالك قد شرع في البناء، واستصدروا قرارات ايقاف أعمال ثم إزالة، لتبدو صورتهم أمام رؤسائهم أنهم شرفاء، حدث ذلك في عام ٢٠٠١، ولكن الإجراءات القضائية كشفت عن إنشاء العقار عام ١٩٧٦، وهي مهزلة وقف لها قضاء مجلس الدولة بالمرصاد.
وقالت المحكمة الإدارية العليا أن المشرع حظر على المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء إقامة المباني دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة، وإذا تم الحصول على هذا الترخيص يتعين على المرخص له الالتزام بالاشتراطات التي منح على أساسها الترخيص وتنفيذ الأعمال المرخص بها على وفق الرسومات المرفقة به.
وفي حالة مخالفة الترخيص الصادر، ناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم إصدار قرار مسبب بإيقاف الأعمال المخالفة تعلن به ذوي الشأن بالطريق الإداري، ثم يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه قرارا مسببا بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تم إيقافها، شريطة عرض هذه الأعمال على اللجنة الفنية المنصوص على تشكيلها في المادة (16) من القانون.
هل تملأ ضريبة الملح خزانة الدولة؟
وأوجب بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات أن يَصْدُرَ قرارُ الإزالة في أي من هذه الحالات عن المحافظ بنفسه، فلا يجوز له تفويض غيره في هذا الاختصاص.
وبالنسبة لمخالفات البناء التي تمت قبل 1984، ويصدر القرار بإزالتها بعد مضي مدد طويلة صدرت خلالها التشريعات المعدلة لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976، بعد تعديله.. فإن قعود جهة الإدارة عن استعمال الرخصة المقررة لها بالإزالة بموجب المادة (16) من القانون المذكور طوال هذه المدة حال دون استفادة أصحاب الشأن من القانونين 54 لسنة 1984 بتعديل المادة الثالثة من القانون 30 لسنة 1983، و99 لسنة 1986بتعديل الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 54 لسنة 1984، والتي أجازت لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون 106 لسنة 1976 أن يتقدم بطلب خلال المهلة المحددة لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده.
ورتب المشرع على ذلك وقف الإجراءات المتخذة بقوة القانون إلى أن تتم معاينة الأعمال المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها بالمادة (16) من القانون، والعرض على المحافظ المختص لإصدار قرار الإزالة أو التصحيح، وتراخي جهة الإدارة في إستعمال الحق المقرر لها بالإزالة طوال هذه المدة، ثم استعمالها بعد سنوات طوال لهذا الحق يكون من شأنه المساس والإضرار بمراكز قانونية إستقرت في ظل القوانين السارية وقت حدوث المخالفة.
«ياللا يازبالة».. نقولها لـ«هؤلاء»
وأنتهت المحكمة العليا إلى أن العقار محل قرار الإزالة المطعون فيه هو عقار مقام قبل 1983، ومن ثم فإن تراخي جهة الإدارة في استعمال حقها في الإزالة طوال هذه السنين قد ترتبت عليه حقوق ومراكز قانونية لذوي الشأن استقرت في ظل القوانين السارية وقت حدوثها ومن ثم لا يجوز المساس بها، وبالتالي لا يجوز المساس بهذه المباني بإزالتها أو تصحيحها.
وقبل أن نشعر بالارتياح لهذا الحكم العادل، يجب أن يضع كل منا نفسه موضع الطاعن على هذا القرار المعيب، وأن يتخيل السنوات التي قضاها في اروقة المحاكم، والمبالغ التي تكبدها ليصل إلى حقه وفقًا للقانون، والذي يمكن ايجازه في انه إذا غابت الدولة خمسة وعشرين عامًا، فلا يصح أن يدفع المواطن ثمن هذا الغياب، وأن يصبح القائمون على التزوير والفساد بالأمس هم القائمون على تحديد الغرامات ومحاسبة المخالفين اليوم؟.. وللحديث بقية
وما أن يذهب هؤلاء المرتشون حتى يأتي من بعدهم مرتشون آخرون يساومون على تلك المخالفات، فإذا امتنع المالك عن دفع الرشوة تحركت الإجراءات القانونية ضده بتهمة "البناء بدون ترخيص"، وكأن العقار المكون من أربعة عشر طابقًا قد هبط من السماء أو إنشقت عنه الأرض، والضحية هو المالك الذي فشل من البداية في الحصول على الترخيص.. هذه بإيجاز قصة معاناة كثيرٌ من المصريين.
لماذا يهرب الأبرياء دائمًا؟
وأمامنا اليوم مثال حي لتزوير فاضح من المحليات، إدعى فيه المختصون أن المالك قد شرع في البناء، واستصدروا قرارات ايقاف أعمال ثم إزالة، لتبدو صورتهم أمام رؤسائهم أنهم شرفاء، حدث ذلك في عام ٢٠٠١، ولكن الإجراءات القضائية كشفت عن إنشاء العقار عام ١٩٧٦، وهي مهزلة وقف لها قضاء مجلس الدولة بالمرصاد.
وقالت المحكمة الإدارية العليا أن المشرع حظر على المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء إقامة المباني دون الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة، وإذا تم الحصول على هذا الترخيص يتعين على المرخص له الالتزام بالاشتراطات التي منح على أساسها الترخيص وتنفيذ الأعمال المرخص بها على وفق الرسومات المرفقة به.
وفي حالة مخالفة الترخيص الصادر، ناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم إصدار قرار مسبب بإيقاف الأعمال المخالفة تعلن به ذوي الشأن بالطريق الإداري، ثم يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه قرارا مسببا بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تم إيقافها، شريطة عرض هذه الأعمال على اللجنة الفنية المنصوص على تشكيلها في المادة (16) من القانون.
هل تملأ ضريبة الملح خزانة الدولة؟
وأوجب بالنسبة للمخالفات المتعلقة بعدم الالتزام بقيود الارتفاع أو بخطوط التنظيم أو بتوفير أماكن لإيواء السيارات أن يَصْدُرَ قرارُ الإزالة في أي من هذه الحالات عن المحافظ بنفسه، فلا يجوز له تفويض غيره في هذا الاختصاص.
وبالنسبة لمخالفات البناء التي تمت قبل 1984، ويصدر القرار بإزالتها بعد مضي مدد طويلة صدرت خلالها التشريعات المعدلة لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976، بعد تعديله.. فإن قعود جهة الإدارة عن استعمال الرخصة المقررة لها بالإزالة بموجب المادة (16) من القانون المذكور طوال هذه المدة حال دون استفادة أصحاب الشأن من القانونين 54 لسنة 1984 بتعديل المادة الثالثة من القانون 30 لسنة 1983، و99 لسنة 1986بتعديل الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون 54 لسنة 1984، والتي أجازت لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون 106 لسنة 1976 أن يتقدم بطلب خلال المهلة المحددة لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده.
ورتب المشرع على ذلك وقف الإجراءات المتخذة بقوة القانون إلى أن تتم معاينة الأعمال المخالفة بمعرفة اللجنة المنصوص عليها بالمادة (16) من القانون، والعرض على المحافظ المختص لإصدار قرار الإزالة أو التصحيح، وتراخي جهة الإدارة في إستعمال الحق المقرر لها بالإزالة طوال هذه المدة، ثم استعمالها بعد سنوات طوال لهذا الحق يكون من شأنه المساس والإضرار بمراكز قانونية إستقرت في ظل القوانين السارية وقت حدوث المخالفة.
«ياللا يازبالة».. نقولها لـ«هؤلاء»
وأنتهت المحكمة العليا إلى أن العقار محل قرار الإزالة المطعون فيه هو عقار مقام قبل 1983، ومن ثم فإن تراخي جهة الإدارة في استعمال حقها في الإزالة طوال هذه السنين قد ترتبت عليه حقوق ومراكز قانونية لذوي الشأن استقرت في ظل القوانين السارية وقت حدوثها ومن ثم لا يجوز المساس بها، وبالتالي لا يجوز المساس بهذه المباني بإزالتها أو تصحيحها.
وقبل أن نشعر بالارتياح لهذا الحكم العادل، يجب أن يضع كل منا نفسه موضع الطاعن على هذا القرار المعيب، وأن يتخيل السنوات التي قضاها في اروقة المحاكم، والمبالغ التي تكبدها ليصل إلى حقه وفقًا للقانون، والذي يمكن ايجازه في انه إذا غابت الدولة خمسة وعشرين عامًا، فلا يصح أن يدفع المواطن ثمن هذا الغياب، وأن يصبح القائمون على التزوير والفساد بالأمس هم القائمون على تحديد الغرامات ومحاسبة المخالفين اليوم؟.. وللحديث بقية