السكن اللائق للمواطن.. وقانون التصالح
السكن اللائق للمواطن
في أي دولة مستقرة ومستقلة هو حق اقتصادي واجتماعي وثقافي، وقد تم الإعتراف به في كثير
من الدساتير الوطنية للدول، كما تم اعتماده في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعليه أصبح الحق في السكن اللائق جزءا من الحق
في مستوى معيشة لائق للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته.
وقد اتخذت الحكومة حيال المساكن العشوائية خطوة غير مسبوقة وفريدة في دولة مثل مصر إمكانياتها المالية ضعيفة ومحدودة، وقد نجحت الحكومة بصورة كبيرة
في القضاء على العشوائيات الخطرة وخاصة في قلب القاهرة الكبرى، وتم نقل هذه العشوائيات
إلى مدن جديدة تتوفر فيها معظم متطلبات السكن اللائق المنصوص عليه في الأمم المتحدة،
وقد شعر المواطن الذي كان يسكن العشوائيات بتحول كبير في معيشته المكانية، عندما انتقل
للسكن في المدن الجديدة..
واقعة سيدة القطار.. وتباين ردود الأفعال !
ولم تكتف الحكومة بهذه الفئة من المساكن، بل أقدمت
الدولة على منطقة وعرة من المساكن، وهي أيضا نوع من العشوائيات ولكن بصورة أفضل نسبيا
من حيث حالة المبنى، وهذه الظاهرة التي تجاهلتها حكومات سابقة لمدة تزيد عن أربعين عاما،
وهي ظاهرة المباني المخالفة للتنظيم أو المباني على الأراضي الزراعية، وقد أحدث قانون
التصالح منذ صدوره جدلا واسعا في المجتمع المصري، وتباينت ردود الأفعال حوله بين مؤيد
ومعارض بشدة وبين أن الوقت لا يسمح بصدوره وخاصة في ظل أزمة كورونا..
وزاد من حدة هذا التباين وهذا الرفض من أصحاب المباني
وخاصة البسطاء منهم، هو عدم قيام الإعلام بدوره المنوط به في توضيح مراد هذا القانون،
ولكن من وجهة نظري أن الحكومة هي التي قصرت
في التمهيد لصدور هذا القانون، ولم تقوم بشرح وافي لخطورة البناء المخالف وخاصة المقام
على الرقعة الزراعية، وخطورة ذلك على الأمن الغذائي للوطن..
كما أنه كان مطلوب من الحكومة أن تراعي البعد الاجتماعي
والإنساني للمواطن البسيط، وأن هناك فرقا بين المباني التي لا يملك أصحابها سواها، وبين
المباني المخالفة التي بناها رجال الأعمال من أجل الاستثمار والثراء الفاحش من وراء
هذا البناء المخالف.
فالسكن ليس رفاهية
ولكنه حق أصيل لكل مواطن وكل أسرة تعيش على أرض الوطن، وقد تداركت الدولة مؤخرا سلبيات
هذه القانون، وما أحدثه من ردود فعل عنيفة من قبل الأهالي، حتى كادت الأمور تصل إلى
حالة من الفوضى، حيث كان يقف فريق من المعارضين للدولة وخاصة جماعة الإخوان على أهبة
الاستعداد لاستغلال مثل هذه الفوضى، وتحويل دفتها من أجل مكاسب سياسية لهم..
وبذلك أحسنت صنعا
عندما غلبت مصالح أهالى الريف والقرى والنجوع، وخاصة عندما رأت رد فعلهم الرافض للقانون
بسبب عدم قدرتهم المالية على التعامل مع تقييمات التصالح فى القرى، لذا قررت الحكومة
أن تكون قيمة التصالح لكل الريف على مستوى
الجمهورية هو الحد الأدنى المقرر فى قيم التصالح
أى 50 جنيهًا للمتر، لأن المصلحة العامة من وراء هذا القانون هو تقنين أوضاع المباني
وليس جمع الأموال، على أن يوجه ما يتم جمعه من قيم التصالح لتطوير هذه المناطق.
وبهذا تكون هذه الحكومة قد عالجت أخطاء حكومات سابقة
لعهود متعددة قاربت أكثر من أربعين عاما، وتكون
بالفعل قد خطت خطوات كبيرة في طريق مصر الجديدة التي سيكون السكن اللائق للمواطن المصري
من أهم أهدافها الاستراتيجية.