ذكريات فكرى أباظة على بلاجات الإسكندرية ومطروح ورأس البر
فى كتابه "حواديت" يحكى الكاتب الساخر فكرى أباظة ـ رحل عام 1979 - عن ذكرياته مع المصايف فى مصر فكتب يقول: تحتشد الذكريات الصيفية فى رأسى وأنا أتذكر اسعد السنوات التى قضيتها بين الإسكندرية وكان هذا عام 1911 ورأس البر ومرسى مطروح بعد ذلك، فقد ارتفعت درجة الحرارة والجو نار نار فذهبت إلى الإسكندرية لقضاء بعض الوقت.
أخذت قطار الاكسبريس المفتخر المستعجل فأنا من زبائن بلاجات الإسكندرية الجميلة، لكن هذه المرة الفلوس كانت شحيحة نادرة فعشت أيام المصيف عيشة الكادحين المحرومين.
طلبت المدد من القاهرة وبعد يومين جاءتنى الفلوس فاستأجرت فيلا وبدأت اعيش قصص غرامى وأحلامى.
كنت قد ذهبت إلى الإسكندرية لأول مرة وأنا طالب ذهبت لعمى إسماعيل أباظة ليتوسط لى عند الزعيم سعد زغلول وزير المعارف حيث كانت الحكومة كلها تصيف فى الإسكندرية.. لكى التحق بمدرسة السعيدية الثانوية لأنى لا املك شهادة ميلاد.
أخذنى عمى من يدى ودخلنا على سعد زغلول فأمر فورا بإلحاقى بالمدرسة رغم سقوط القيد، وها أنذا أسجل فضلا لحكومة المصيف ولسعد زغلول على حاضرى ومستقبلى، وكان جزاؤهم منى أن عارضتهم فى حياتى السياسية والنيابية والصحفية أعنف معارضة.
ومن يومها أصبحت زبونا لبلاجات الإسكندرية الجميلة، ومصيف الإسكندرية له طابعه الخاص هو "توليد الحب" لبن المصطافين والمصطافات من الشبان وقد ارتبطت أكثر من مرة هناك.
أما فى رأس البر فهى مصيف لا مثيل لها فى العالم فالعشش المصنوعة من الحصر وألوان المياه العجيبة لا ينافسها فيها منافس ولقد نشأ فى رأس البر غرامى العبقرى الفادح بفتاة لعبت دورا سياسيا وقضائيا فى تاريخ مصر وقد نشرت قصتى معها.
فكري أباظة يكتب: عاش الجيش وتعيشي يا مصر
أما فى مرسى مطروح فكنت ذائع الصيت لسببين الأول أنى كنت أكتب فى الصحافة وصورتى معروفة، وثانيا أنى كنت من ألمع لاعبى كرة القدم بالنادى الأهلى فى أيام صباى، وكان النادى الأهلى وهو أبو النوادى قد تخصص فى رحلاته الصيفية وهو صاحب الفضل الأول فى لفت النظر إلى مصيف مرسى مطروح.
فالنظام فى مطروح نظام عسكرى عنيف والوزراء والباشوات السابقون وأرباب الملايين وغيرهم من سيدات الطبقة الراقية المدللة ـــ فيما مضى ـــ ملزمون جميعا بأن يغسلوا ويمسحوا ويحملوا الجرادل ويعدون الموائد وكل منهم خادم ومخدوم المهم النظام والنظافة مع المتعة والعوم فى المياه الرائعة.