هل يجب الوضوء للصلاة بعد تناول لحم الإبل والصلاة فى مرعاها؟
يقر بعض رجال الدين أن لحم الإبل نجس ويجب الوضوء منه عند الصلاة وقد وردت أحاديث تأمر بالوضوء من لحوم الإبل ومما مسته النار، وتنهى عن الصلاة فى مبارك الإبل دون مرابض الغنم ، فهل هذا صحيح وما الحكمة فى ذلك؟
يجيب فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر ــ رحمه الله ــ فيقول:
روى مسلم أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ" قال الرجل : أتوضأ من لحوم الإبل ، قال : "نعم فتوضأ من لحوم الإبل " قال الرجل : أصلى فى مرابض الغنم ؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم "نعم " قال الرجل : أصلى فى مبارك - الإبل ؟ قال "لا" .
وروى مسلم أيضا "إنما الوضوء مما مست النار، توضأوا مما مست النار" .
وروى أبو داود عن جابر: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار"؟ ذهب أكثر العلماء إلى أن أكل لحوم الإبل لا ينقض الوضوء ، قال النووى : ممن ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأبى بن كعب وابن عياض وجماهير من التابعين ، ومالك وأبو حنيفة والشافعى وأصحابهم ، محتجين بحديث جابر المذكور وهو عام يشمل لحوم الإبل وغيرها ، وذهب أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه ويحيى ابن يحيى وأبو بكر بن المنذر وابن خزيمة، ، وحكى عن أصحاب الحديث وعن جماعة من الصحابة ، إلى انتقاض الوضوء بأكل لحوم الإبل اعتمادا على الحديثين الأولين . والجمع بين أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالوضوء من لحوم الإبل وما كان عليه فى آخر الأمر من ترك الوضوء مما مست النار-هذا الجمع فيه كلام كثير لعلماء الأصول لا يتسع له المقام ، وقد رأى بعض العلماء أن الأمر بالوضوء يراد به غسل اليدين ، أى الوضوء اللغوى.
وإن كان هذا الرأى فيه مناقشة عند إيراده للجمع بين الوضوء وعدمه . والمختار للفتوى هو رأى جمهور الفقهاء من عدم نقض الوضوء بأكل لحوم الإبل أو ما مسته النار... . أما الصلاة فى مبارك الإبل فهى حرام عند أحمد، وقال : لا تصح ،فإن صلى فعليه الإعادة ، وسئل مالك عمن لا يجد إلا عطن إبل هل يصلى فيه ؟ فقال : لا يصلى فيه ، قيل :
بريطانيا تحذر حجاجها من تناول لحم «الإبل» في السعودية
فإن بسط عليه ثوبا؟ قال : لا، وقال ابن حزم : لا تحل فى عطن إبل .
أما جمهور الفقهاء فقالوا : إن الصلاة تصح فى مبارك الإبل ، وحملوا النهى على الكراهة إذا لم تكن هناك نجاسة ، وعلى التحريم إن وجدت النجاسة ، وليست علة قولهم هى النجاسة ، فإنها موجودة فى مرابض الغنم ، بل لأن الإبل فيها نفور، فربما نفرت والإنسان يصلى فيؤدى نفورها إلى قطع الصلاة أو إلى أذى يحصل له منها ، أو يشوش بخاطره ويلهيه عن الخشوع ، ويؤيد هذا التعليل حديث أحمد بإسناد صحيح "لا تصلوا فى أعطان الإبل فإنها خلقت من الجن ، ألا ترون إلى عيونها وهيئتها إذا نفرت " أما الصلاة فى مرابض الغنم فهى جائزة بنص الحديث لعدم وجود العلة الموجودة فى مبارك الإبل .