غليان شرقي المتوسط
اختطف شرقي المتوسط وجنوبه الاهتمام العالمى بعد أن صارت حركة البوارج البحرية والفرقاطات وسفن التنقيب وأصوات الذخيرة الحية، من الجانب التركي، أكثر إثارة من الأعداد المتزايدة للمصابين بفيروس كورونا. عند الإصابة أو الموت جراء عوامل طبيعية تكون النفوس أهدأ وذات قابلية متزايدة للتسليم، وتتجه القلوب إلى السماء.
في حالة الجنون البشرى،
الذى يتجسد حاليا في مسرح عمليات ملتهب شرقي البحر المتوسط وقبالة مدينة اسكندرون التركية،
فإن الانفجار قد يقع فى أية لحظة. بل أوشك أن يقع لولا رفض جنرالات في البحرية التركية
الانصياع لأوامر أردوغان بإغراق سفينة حربية يونانية مع مراعاة عدم قتل أي من أفرادها! وتحايل
على رفضهم بأن طلب إسقاط طائرة حربية يونانية مع إتاحة الفرصة للطيار الإفلات بالمظلة!
هل انقلب أردوغان على السراج؟
مصادر هذه المعلومات
هم من داخل القوات التركية بثوا بها إلى صحيفة دي فيلت الألمانية. وكما كشف مركز كارنيجي
للسلام فإن هدف أردوغان من المغامرة بلا دماء شرقي المتوسط لسحب الأنظار بعيدا عن تآكل
شعبيته في الداخل التركي، قبل عامين من الانتخابات الرئاسية في عام ٢٠٢٣.
والحق إن أردوغان
بات هدفا لعدة لطمات متواليات من أمريكا ومن الاتحاد الأوروبي، ومن فرنسا على وجه الخصوص.
فقد أعلنت واشنطن قبل يومين عن رفع حظر توريد السلاح إلى قبرص عضو الاتحاد الأوروبي.
وهذه أكبر صفعة أوجعت أردوغان وندد نائبه بأن القرار الأمريكي لا يليق بعلاقات مع حليف.
وقبل ٧٢ ساعة أرجأ
الاتحاد الأوروبي إعلان العقوبات الجاهزة ضد تركيا لمدة شهر، لإفساح المجال أمام الحوار
والمفاوضات، وهو الأمر الذي أغضب اليونان وتركيا. في الوقت ذاته طلب الاتحاد الأوروبي
من أنقرة وقف أعمال البحث والتنقيب وسحب سفينة البحث الزالزالى، وسحب المعدات والسفن
الحربية وكل المظاهر العسكرية الاستفزازية حول مياه قبرص والجزر اليونانية، وإلغاء
اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع حكومة السراج.
لم يستجب أردوغان
بل أعلن استمرار المناورات بالذخيرة الحية ومد فترة البحث والتنقيب. لجأت اليونان إلى
شراء الرافال من فرنسا وشراء أسلحة ومعدات للردع. وعلى سبيل اثارة غضب أردوغان قرر
الرئيس الفرنسي ماكرون زيارة بغداد، وهي مقررة سلفا، لكنه تعمد لقاء القادة الاكراد،
ليؤكد لانقرة أنه شوكة في الخاصرة الجنوبية لتركيا، شمالي العراق.
ثلاثة أيام على الطريقة الليبية
وهو ذهب الى العراق
بخطة ومشروع يحمل عنوان مشروع السيادة العراقي، يقطع به الطريق على التدخل الإيراني
في شئون الحكومة العراقية، ويوقف التمدد التركي العدواني على الحدود مع العراق. يحارب
أردوغان إذن في سوريا، وفي ليبيا، وفي شرقي المتوسط، يواجه اليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا
وألمانيا رغم وساطتها.. بينما الليرة تتهاوى. تبدو إجراءات الاتحاد الأوروبي هذه المرة
جدية أكثر من أي وقت سابق، بعد أن بات الخطر الإرهابي المحتمل من الأراضي الليبية ضد
جنوب أوروبا، هو عملية تركية مستمرة رغم كل التحذيرات.
أين مصر من هذا كله؟
مصر تبحث وتنقب وتحمى ثرواتها بقوة. استعدت لهذا الموقف منذ سبع سنوات بأسطول بحرى
قتالى رفيع المستوى. اليونان انتبهت واتجهت لشراء معدات وأسلحة ردع بسبعة مليارات دولار
رغم عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
ترسيم الحدود البحرية
بين مصر واليونان جعل المواجهة بين تركيا وكل أوروبا.. ونحن نتابع ونراقب ونستعد.