طرائف في حياة مفيدة عبد الرحمن أول محامية بالنقض
في المصور عام 1953 أجرت الصحفية انجى رشدى حوارا مع المحامية مفيدة عبد الرجمن ــــ رحلت فى مثل هذا اليوم 3 سبتمبر 2002 ـــ أول محامية مصرية تقيد أمام محكمة النقض، حول بدايتها فى عالم المحاماة وما وصلت اليه فقالت:
حينما تزوجت ارتبطت بإنسان مفكر وأديب يعشق العلم ويشجع على أن يكون العلم قبلة الإنسان من المهد إلى اللحد هو عبد اللطيف بن الخطيب رحمه الله.
وتقول مفيدة عبد الرحمن: تزوجته قبل الحصول على الثانوية التي حصلت عليها عام1928 والتحقت بكلية الحقوق، لكن عميد الكلية أحمد كامل مرسى اعترض على دخول فتاة إلى الجامعة وهى أم وزوجة، وأرسل العميد في استدعائي فذهبت إليه بصحبة زوجي وبادرني قائلا: كيف تأخذك الجرأة لدراسة الحقوق ووراءك بيت وزوج وطفل، إن كلية الحقوق من أصعب الكليات.
رد زوجى عليه قائلا: "العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.. مفيدة مسلمة عاشقة للعلم ولبيتها، ورأسمالها فى الحياة الكفاح والصبر والإصرار على النجاح".
ووافق العميد على التحاقي بالحقوق وهكذا سجلت فى التاريخ نجاح الفتاة المصرية فى دراسة القانون والتفوق فيه، مما أذهل الكثير وساعد على تحطيم الحواجز المرصوصة في وجه تعليم المرأة.
قيد اسمها بجدول نقابة المحامين عام 1939 وأمضت فترة التمرين بمكتب الأستاذ أحمد نجيب برادة ثم افتتحت لنفسها مكتبا خاصا في الحي الحسيني بجوار المطبعة التي يمتلكها الزوج.
ودائما ما تقدم مفيدة عبدالرحمن نفسها في التليفزيون أو الإذاعة أو الصحافة فتقول: أنا مفيدة عبد الرحمن المحامية التي تتنقل بين جميع دور المحاكم في الإقليم الجنوبي من أسوان حتى الإسكندرية، وتزيد ساعات عملها عن 16 ساعة في اليوم الواحد تقضيها في دراسة القضايا وحضور التحقيقات والمرافعة في الجلسات ثم إدارة مكتب به خمسة محامين وسبعة موظفين آخرين.
تعلمت كثيرا من الأستاذ وهيب دوس طريقة عرض القضايا وعلمني الأستاذ أحمد رشدي كيف اتعامل مع الموكلين.
بالنسبة لأول أجر تقاضيته قصة طريفة.. فقد جاءتني قضية من باب الله ولم يكن موكلى من أصدقائنا أو معارفنا وإنما بعث به الاستاذ أحمد الشربينى المحامى وكانت القضية من قضايا المخدرات والمتهم فيها ليس موكلى وحده انما كانوا اربعة، ونجحت فى القضية وأخذت البراءة لموكلي فجاء يشكرني فى مكتبى وقدم لى عشرة جنيهات، وفرحت بها لانها كانت اول اتعابى .
تطلعت بعد ذلك الى شقيقات العشرة جنيه التى لم تستقر معي أكثر من ربع ساعة فضاعفت جهودي ونشاطي وصادفت نجاحا طيبا في القضايا.
المرأة المصرية رقم 1 فى كل المجالات
وحدث لي موقف آخر في المحكمة الشرعية حيث كنت موكلة لسيدة مطلقة تطلب زيادة النفقة من أربعة جنيهات فقال القاضى لى: كان يجب أن تُعلمى الزوج، فقلت: الزوج موجود بالفعل، فقال القاضى: ألا تفهمين؟! يجب أن توكلي محاميا، قلت: لستُ في حاجة إلى محامٍ، فقال: إن لسانك طويل.
فطلبت من كاتب الجلسة تسجيل الإهانة لمفيدة عبد الرحمن المحامية الأهلية والشرعية.. فأوقف الجلسة وطلب لقائي في مكتبه فقد كان يظنني المدعية ولست محامية وضحك الجميع واعتذر القاضي.
أنجبت تسعة أولاد إلى جانب خمسة آخرين، هم أولاد زوجي، أعتبرهم أولادي، ورغم ذلك فبيتي في منتهى الهدوء، والترتيب والنظام يسودان كل ركن فيه ولم تختل عجلة قيادة الاسرة لحظة واحدة، وزادنى على ذلك عضوية البرلمان ولجان الاتحاد القومي.