استعلاء اجتماعي!
لست محققا قضائيا حتى أحكم على ما حدث فى واقعة ضابط الشرطة ومستشارة النيابة الإدارية، أو حتى أدين طرفا وأثق بتبرئة الطرف الآخر.. فهذا شأن النيابة العامة ثم المحكمة فيما بعد إذا أحالت النيابة الواقعة إليها.
ولكننى بصفتى مواطنا
حريص على تماسك مجتمعه أنبه إلى أن هذه الواقعة التى سجلت فيديوهات بعض ملابساتها تكشف
أننا نعانى الآن فى مصر من تفشى حالة من حالات
الاستعلاء الاجتماعى. فلا تنطق ملابسات هذه الواقعة وحدها بذلك، وإنما هناك وقائع مجتمعية
أخرى تشى بذلك أيضا، مثل وقائع الإنفاق البذخي المثير للاستفزاز لبعض من أتيح لهم مراكمة ثروات فى وقت وجيز وبطريقة سهلة سريعة
وبدون جهد.
الإعلام والمسئول الضعيف!
وطريقة تعامل بعض النواب مع جهات عامة وحكومية، وسلوك
أبناء بعض من يعملون فى جهات رسمية مع الآخرين، بل وأيضا ما تضمنته قضية الفيرمونت
التى تحقق فيها النيابة الأن حول حرص المتهمين بالاغتصاب على تسجيل الأحرف الأولى بأسمائهم
على جسد الفتاة التى تتهمهم باغتصابها جماعيا.
وحالة الاستعلاء
الاجتماعى هذه تفسد التعايش المشترك الذى ننشده فى بلدنا.. لأنها تكشف أن هناك فى مجتمعنا من يتصورون أنهم أفضل من
غيرهم إما لأنهم الأغنى ويملكون من الثروات
التى تميزهم على غيرهم من أبناء المجتمع وإما لأنهم يحتلون مناصب يعتقدون إنها تمنحهم
أفضلية على أبناء المجتمع الآخرين، أو تسوِّغ لهم أن يأمروا وعلى غيرهم تنفيذ أوامرهم.
تشويه الوعى الوطنى!
وإما لانهم يتصورون إنهم الأكثر إيمانا والأقرب إلى
الله، وإما إنهم يعتقدون أنهم فوق القانون ولا يحق لأحد أن يلزمهم مثل غيرهم بتنفيذ
هذا القانون.. فإن التعايش المشترك يتحقق بين من يعتقدون إنهم متساوون أمام القانون
حتى وإن إختلفوا فى الجنس والعرق والانتماء
الاجتماعى -الطبقى والقبلي- والإنتماء الدينى وكذلك الانتماء السياسى، وما يحولونه
من أموال.. فإن الجميع مواطنون لهم ذات الحقوق وعليهم ذات الواجبات بلا اختلاف، حتى
ولو اختلفت قيمة ما يدفعونه من ضرائب.
وهذا يتعين أن ينبهنا
لهذا الخطر.. فلا تماسك مجتمعى فى ظل تفشى حالة استعلاء اجتماعى فى الوطن.. وأول خطوة
فى مواجهة ذلك الإصرار على تطبيق القانون على الجميع بكل حزم بعيدا عن المواءمات السياسية
والفئوية وغيرها .