يبني أمماً.. أو يهدمها بكلمة أو لقطة أو صورة !
غياب الحس الإعلامي والصحفي ولا أقول الوطني سببه افتقاد العلم والخبرة والموهبة وانعدام التدريب وتناقل الخبرات والجهل بدور الإعلام وحدوده ومقتضياته؛ فالإعلام شأنه شأن أي مهنة هو علم لا فهلوة بل لا نبالغ إذا قلنا إنه أخطر المهن قاطبة فهو يبني أمماً أو يهدمها بكلمة أو صورة أو لقطة..
وهو فوق ذلك جزء أصيل وكاشف لمنظومة ثقافية وفكرية وفنية واجتماعية تحدد بوصلة الدولة وتوجهاتها وأولوياتها، وتعكس المستوى الفكري والثقافي والسلوكي لشعبها.
ويا للغرابة حين لا يُسمح لأي من كان بممارسة مهنة الطب أو الهندسة أو المحاماة
إلا إذا كان خريجاً جامعياً في تلك التخصصات.. بخلاف الإعلام الذي أبوابه مفتوحة على
مصاريعها للاعبي الكرة ونجوم الفن والرقص والطبخ والموضة والتجميل وغيرهم ولا عزاء
لأهل التخصص والحس والرؤية والفهم..
فإذا كان مشرط الجراح يمكن أن يداوي أو يقتل فلا يسمح لأي شخص بأن يمسك به دون تأهيل أو تدريب كاف فيطبب من يطبب ويزهق روح من يزهق.. فكيف يتم السماح للهواة والدخلاء بأن يحملوا الميكروفونات والأقلام ليصوغوا وعي هذا الشعب ويرسموا له طريقه ومستقبله.
قد يكون مقبولاً أن يصبح لاعب كرة محللاً رياضياً لا مذيعاً ولا ناقداً ..ألا
يكفي ما وصل إليه إعلامنا من تردٍ حتى ندرك حجم المأساة وكيف أننا في أشد الحاجة لعودة
الكفاءة والتخصص والمهنية إلى مذيعينا وصحفيينا الذين يفهم بعضهم الحرية على أنها نشر
وإذاعة ما يشاءون دونما تحقق أو تثبت أو مراعاة للأمن القومي الذي أصابته أخطاء بعض
الإعلاميين بضرر بالغ.