"هن قادرات".. حكايات وقصص من داخل مخبز "حريمي" للمعجنات والحلوى الشرقية بقنا | صور
لم تعد عادات
وتقاليد مثلما كانت في الماضي، وعمل السيدة أو الفتاة لم يعد عارا بل إنه أصبح فخرا بمختلف قرى الصعيد الجواني، وتغيرت نظرتهم إلى عملها، فهناك عدد من الفتيات يعملن
في مخبز وأخريات يرتدين القبعات البيضاء والبالطو الأبيض المزركش ببعض الألوان
وإلى جوارهن الأفران المشتعلة، وتقف أخريات على صناعة الحلوى والخبز.
ففي قرى مراكز محافظة قنا يعمل عدد من السيدات في المخابز ومحال
بيع الحلوى الشرقية.
قصة صغيرة
وفي أحد أركان مخبز تقف شيرين أحمد تلك الفتاة الصغيرة التي تركت
المدرسة منذ الصغر بسبب الظروف المعيشية ترتدي القبعة والبالطو الأبيض، بجوار
الشيف للتقطيع، وقصة حياتها تجسد بشكل واضح حياة الكثير من الأسر المصرية خاصة في
الصعيد حيث تزوج والدها من 3 سيدات وأنجب ما يقرب من الـــ13 بنتا وولد وأغلبهم يعملون معها في هذا المجال بما فيهم زوجات والدها.
وقالت "شيرين" إنها لم تجد معارضة من أسرتها لعملها في
المخبز وإنها تعلمت كل شيء من خلال التدريب مع شيفات محترفين، لافتة إلى أن من أشهر المخبوزات التي تقوم بها عمل الفطير وتقطيع الصواني بحسب الطلب من الزبائن.
وأضافت: "العمل مش عيب وخلقنا في تلك الحياة للعمل والجهاد،
وأنا سعيدة بعملي ويكفي إني بأكل لقمة عيشي بالحلال".
مخبز الحريم
كما أوضحت حسانية محسب، صاحبة المخبز، أن المخبز يوجد به أكثر من 40
سيدة موزعة على العمل في أماكن متفرقة، مشيرة إلى أن هناك بعض الرجال يساعدون في
العمل لكنهم بنسبة ضئيلة جداً.
وعن فكرة إنشاء
المخبز قالت: "فكرة المخبز ليست وليدة اللحظة وأنا كان عندي حلم منذ الصغر
وجاءت الفرصة المناسبة عندما عرضت علي إحدى المؤسسات المدنية المانحة بمديرية
الزراعة وجدت ترحيبا كبيرا، وبدأنا العمل بالمشروع"، لافتة إلى أن هناك ورديات
للعمل وتبدأ في العمل منذ الساعات الأولى للصباح وحتى المساء.
وعن معوقات واجهتها أضافت: "في البداية عانيت من عدم إقبال
الزبائن على المخبز ولكن بعد التجربة والتذوق لطعم مخبوزاتنا وجدنا ترحيبا كبيرا من
قبل الأهالي، وهناك سيدات تعاملنا معنا للشراء المنتج جملة على أن يقمن ببيعه
بالقطعة من منازلهن حيث تكسب السيدة من الصينية الواحدة ما يقرب من 5 جنيهات،
تساعدهن على الحياة في ظل الظروف الصعبة".
وعن أهم المخبوزات التي تحظى بإقبال قالت: "العيش الشمسي من أهم
المخبوزات الصعيدية التي نجد عليها إقبالا كبيرا من الأهالي خاصة أن الكثير من
البيوت مع العمل والحياة الصعبة فارقوا الخبز والأفران".
واستطردت: "نواجه أيضا مشكلة أخرى تكمن في صعوبة الوقوف أمام الأفران الآلية خاصة وأن العاملات
بالمخبز يقفن بالساعات أمام الأفران الملتهبة في فصل الصيف".
محاسبة بدرجة مؤهل
عالٍ
ونموذج آخر داخل
المخبز يدل على حرص فتيات الصعيد على العمل بغض النظر على المؤهل الدراسي ومنهن زينب طه حميد التي تعمل محاسبة بأحد محال بيع الحلوى، من قرية بحري قامولا بنقادة
حيث قالت: "أنا خريجة معهد عالي وحاولت أن أجد فرصة عمل لكن دون جدوى، فعندما
سمعت عن المخبز تقدمت للعمل به".
وأردفت: "العمل طالما باحترام مش عيب، فالقرية بها فتيات يعملن
في المحال التجارية وبيع الملابس وغيرها".
وأكملت: "لم أجد أي صعوبة في إقناع أسرتي بهذا العمل وجميعهم
رحبوا بالفكرة ودعموني".
رد فعل الأهالي
وفي نفس السياق يرى عبيد محمود علي، أحد المواطنين بالمركز، أن عمل
الفتيات بالمخبز ظاهرة غريبة على المجتمع الصعيدي، مؤكدا أن ما شاهده داخل
المخبر تجربة تستحق الإشادة خاصة وأن الفتيات أثبتن جدارتهن وأصبح المخبز في
وقت قصير عليه إقبال كبير عكس البداية.
كما طالب يحيى ثروت، أحد أبناء المركز، بتعميم الفكرة وتصبح نساء
وفتيات الصعيد في مكانتهن التي يستحقونها، لافتا إلى أن ما يحدث على أرض الصعيد
يستحق التقدير عكس ما تروجه الدراما المصرية التي رسمت في الأذهان صورة مغلوطة عن
الفتاة والسيدة الصعيدية وربطها بالثأر.