رئيس التحرير
عصام كامل

لا تخوين ولا تهوين

حكى أحد وزراء الرئيس الشهيد محمد أنور السادات قصة مثيرة، عندما طالبه الرئيس بتخصيص قطعة أرض لمركز أبحاث زراعية لليهود في مصر حسب اتفاقيات التعاون التي عقدتها مصر إثر اتفاقية السلام.


يقول الوزير إن طلب الرئيس كان أصعب ما مر به في حياته، وأنه أقسم بينه وبين نفسه ألا يفعل ما طلبه الرئيس منه، وأنه لن يشارك في هذا القرار الذي اعتبره جريمة في حق وطنه وفي حق نفسه.

 

ولا قنابل الدنيا تهزك يا بيروت

 

تململ الوزير وزاغ من طلب الرئيس أكثر من مرة، وفي كل مرة يبرر تأخره بدراسة الأمر مع الأجهزة المعنية، وعندما طال انتظار الرئيس السادات اتصل بالوزير ذات يوم، وهو غاضب ليسأله عن قرار التخصيص، فلم يكن من الوزير الذي أحس بضغط فوق طاقته إلا أن قال: عليا الطلاق ما هعطيهم أرض!


يقول الوزير: بعد أن نطقت بقسمى الغريب والشاذ تصورت أن الرئيس سيصدر قرارا بإقالتى فورا، غير أن المفاجأة كانت في رد السادات.. ضحك الرئيس قائلا: وماله خلى الإسرائيليين يعرفوا إن فيه في الحكومة ناس رافضاهم، وقرر الرئيس اللجوء إلى وزير آخر وبالفعل خصصت قطعة الأرض المطلوبة.. لم يخوِّن الرئيس وزيره ولم يعتبره خارج النص، ولم ير أن الوزير متمردا ويجب عقابه.


لماذا نرى في الرافضين للكيان المحتل أعداء؟ ولماذا نصف من يرفض وجود الدولة العبرية من الأساس بأنه عدو السلام وخائن ويجب التحقير من شأنه ومطاردته في رزقه وأهله وأمنه؟

 

علموا أولادكم كراهية الصهيونية

 

من حق البعض أن يساند القرار الإماراتى بمبرر أنه أوقف ضم أراض إلى الكيان المحتل، ومن حق آخرين أن يرفضوا الاتفاق من أساسه، ويعتبروه هدية بلا مقابل.
تباين الآراء والأدوار من مناطق القوة التى لا يجب على صاحب القرار أن يمنعها أو يحول دون تفاعلها في المجتمعات العربية.. أليست هذه هي الدول التي عاقبت حكومة مصر في قرارها بتوقيع اتفاقية سلام، ووصفت الاتفاقية بأنها خيانة للقضية؟ ماذا حدث بين عامي ١٩٧٩ وبين ٢٠٢٠م؟


أليست مصر أول دولة توقع اتفاقية سلام مع الكيان المحتل، ومع ذلك ظل شعبها يمثل الجدار الأقوى ضد التطبيع، فلماذا يستكثر البعض على الشعوب العربية أن تمارس حقها في دعم القضية الفلسطينية برفض وجود الكيان من أصله؟

مقاتل فى الحياة
من حق الناس أن تعترض، ومن حقها أن تدعم الموقف الإماراتي، ولكن ليس من حق أحد أن يوجه تهمة الخيانة لطرف ما، فما فعلته الإمارات يقدر في محيطه ودلالاته، والدلالات تستقى من وقائع حياتية يعيشها الشعب الفلسطيني.


من حق الإمارات أن تدافع عن قرارها باعتبارها دولة ذات سيادة، ومن حقنا أن نعترض ونحتج وندعم قضيتنا بطريقتنا، وأن يكون وازعنا في ذلك أن تباين المواقف بين شعوبنا وحكوماتنا هو العنوان الأعرض في تاريخنا.

الجريدة الرسمية