رئيس التحرير
عصام كامل

هل يصفق الفساد بيد واحدة في مصر القديمة؟

في واقعة نادرة بقارة أوروبا، اعتقلت السلطات الإيطالية 7 ضباط وأغلقت مركز شرطة بمدينة بياتشنزا شمالي البلاد، الذي كانوا يعملون به، بعدما وُجِهَت لهم اتهامات «مُشينة»، منها الإتجار بالمخدرات والتعذيب والابتزاز وإساءة استخدام السلطة.


وقالت «غراتسيا براديلا» المدعية العامة في المدينة: «بينما كانت مدينة بياتشنزا تحصي عدد ضحايا الفيروس، كان هؤلاء الضباط يوفرون المخدرات للتجار»، علمًا بأن المدينة سجَلَت ثالث أعلى مُعدل وفيات في إيطاليا من جراء «كوفيد 19».
حكاية ميس برلين مع النيابة الإدارية (1)
أما على الصعيد الداخلي، وفي واقعةٍ مُتكررة، ومنذ عِدة أيام، ووسط تغطية إعلامية ضعيفة، تُلقِي هيئة الرقابة الإدارية القبض على رئيس حي مصر القديمة الحالي، في إحدى وقائع الفساد، والذي أُلقيَّ القبض على رئيس الحي السابق عليه منذ ما يزيد عن عام ونصف، في جريمة رشوة، هزت أرجاء المحليات في مُسْتَهلِ عام ٢٠١٩

واليوم، لا بُد من حِساب حقيقي، ليس لرئيسي الحي المذكورين، فهما أمام القضاء، ولكن الحِساب يجب أن يكون في حق المسئول عن اختيار العناصر الضعيفة والفاسدة، والسماح ببقاء هذه البيئة المُسممة التي تسمح بارتكاب جرائم فساد بملايين الجنيهات، ولا يُكتشف منها إلا القليل.

وأول ما يجب الالتفات إليه هو ترك ذات منظومة العمل التي ارتكِبت واقعة الفساد بينها دون محاسبة، حتى وإن لم تَنعقِد قِبَّلَهم المسئولية الجنائية، فهناك أيضا المسئولية التأديبية، وهناك ما هو أبعد من ذلك، وهو الفصل بغير الطريق التأديبي لمن لحقته شُبهات قوية، وهو نصٌ قانونيٌ هامٌ غير مُفَعَّل منذ عشرات السنوات، كان الأولى تطبيقه على من ثبتَ تورطه بالحي، فتعطيل النصوص أسوأ من عدم وجودها، لأن المشرع لم يضع ذلك النص عبثًا.
محافظ القاهرة «يُشَرِد» عمال المعمار بالقرار 3194
إن الفساد لا يُصفق بيدٍ واحدة، فلا بد له من أذرعٍ وأيادٍ خفية، فلو أن الواقعة مرتبطة بمخالفات بناء، فلا بد أن يُحاسَّب مدير الإدارة الهندسية، ولو لم يثبت سوى علمه بواقعة الفساد، كما لا بد من تفتيت تلك الكتلة التي سمحت بإتمام اجراءات فاسدة.

لابُد، ونحن نتطلع لبناء مصر الحديثة أن تتماشى سياسات الأجهزة التنفيذية مع سياسات السيد الرئيس، الذي قرر التدخل الجراحي لبتر الفساد، ولا بد من تفعيل النص القانوني بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، ليتسنى للشرفاء من العاملين بالدولة أداء عملهم، وحتى لا تتحول الجهات الحكومية إلى أوكار تُديرها المافيا مثل مركز شرطة بياتشنزا الإيطالي.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية