رئيس التحرير
عصام كامل

فؤاد السنيورة لـ«فيتو»: لبنان لم يعد لديه وقت .. ولا نريد "لـكلكة" الأمـور كما حدث مع اغتيال الحريري وعلينا انتظار الأسوأ

فؤاد السنيورة
فؤاد السنيورة

السلطة السياسية لديها فرصة أخيرة لتظهر للشعب أنها ستحترم القانون والدستور ليس فقط بالكلام 

 

حزب الله وجماعته أضعف بكثير مما يبدون عليه

 

أياد خفية أدت إلى تفريغ هذه حمولة المتفجرات في بيروت وهناك انهيار ثقة بين المواطن اللبناني وحكومته

 

أطالب بلجنة تحقيق دولية منفصلة من قبل الجامعة العربية ومجلس الأمن

للتحقيق في انفجار المرفأ 

 

علينا إدراك أن لبنان لا يتعرض لمؤامرات لكنه يتعرض لتدخلات خارجية من جانب إيران وسوريا وإسرائيل

كل شيء في لبنان قابل للقسمة ، فالمناصب في بيروت توزع على الطوائف، والثروة تمتلكها الطوائف، والنفوذ هو الآخر من حق الطوائف، وما دون ذلك فمن نصيب الشعب، فالألم يتكبده الجميع بالعدل.

 

وعلى مر التاريخ لطالما كان «ما دون ذلك» يتمثل في الأزمات والخلافات والانفجارات أيضا، والتي كان آخرها انفجار «مرفأ بيروت» الناتج عن انفجار أكثر من 2700 طن من مادة «نترات الأمونيوم» شديدة الانفجار، والذي أسفر عنه عشرات القتلى وآلاف المصابين ومئات المفقودين وبات حادثًا مفصليًا في مستقبل لبنان الذي لا يزال يواجه أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، في ظل انهيار العملة المحلية (الليرة اللبنانية) وانضمامها إلى قائمة العملات الأكثر انهيارا في العالم، ليعجز اللبنانيين عن تلبية حاجاتهم الأساسية فضلا عن تفشي تلك الفيروس.

انفجار «المرفأ» جاء متزامنًا كذلك مع الأزمة التي يعانى منها لبنان بسبب الديون المتراكمة، وانهيار العملة وإفلاس البنوك ليأتي الانفجار الهائل ويضع البلاد أمام عبء جديد، ويطرح تساؤلات حول مستقبل البلاد اقتصاديًا وسياسيًا ومخاطر اتجاهها نحو انتفاضة شعبية واسعة النطاق بعد أن أدى إلى تفاقم مشكلات اللبنانيين طويلة الأمد، وغيرها العديد والعديد من الأسئلة ومن وراء تلك التفجير؟ وهل لحزب الله يد خفية وراء ذلك الحادث؟ وما إلى ذلك من تساؤلات مشروعة.

المثير في الأمر هنا أنه وسط علامات الاستفهام الكثيرة التي سيطرت على المشهد، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعاصمة اللبنانية بيروت بعد ساعات قليلة من حدوث الانفجار، واستقبله البعض استقبال الأبطال وطالبوه بإنقاذهم من الوضع الذي ينحدر نحو هوة أعمق بفعل الانفجار وعودة الانتداب الفرنسي، وقد كان قبله على شفا الانهيار بسبب الأزمة الاقتصادية، حتى إن عشرات الآلاف وقعوا على عريضة تدعو إلى عودة الانتداب الفرنسي إلى لبنان.

 

وتداول البعض صورة مهيبة لماكرون مصحوبة بعبارة «تعا وجيب الانتداب معك»، وفى المقابل اعترض فريق ثاني على هذه المطالب رافضًا التدخل الفرنسي مرًة أخرى، حتى إن آراء كتاب الرأي تباينت في وصف الزيارة بأنها تمثل فرصة أخيرة للإصلاح السياسي والقضاء على الفساد في البلاد، ومنهم من يري فيها عودة للوصاية وربط تقديم مساعدات مشروطة بمصالح استعمارية، وهو ما يمكنه أن يضع البلاد في حالة انقسام داخلي بسبب فشل الحكومة اللبنانية في حماية أراضيها.

وتعقيبًا على كل ما سبق، تواصلت «فيتو» مع الدكتور فؤاد السنيورة، رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق وأجاب عن أسئلة الساعة فى سياق الحوار التالى :

 

*كيف ترى مستقبل النظام السياسي في لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت مؤخرا؟


«مستقبل النظام السياسي في لبنان في ظل تطور الأوضاع التي تمر بها البلاد من انهيار العملة وفيروس كورونا ومؤخرًا تفجير مرفأ بيروت، بات يعاني من العديد من المشكلات كونه قائم على القواعد الديمقراطية التي تحكم الأكثرية وتهمش الأقلية، كما أنه نظام يمانع تنفيذ إصلاحات لأزمة لتكيف البلاد مع المتغيرات والتحولات الدولية، ومنذ اتفاق الطائف لجأ لبنان لأسلوب الحكومات الائتلافية في الحكم، وهذه الحكومات رغم أنها موجودة في الأنظمة الديمقراطية العالمية إلا أن حقيقتها استثنائية، وتلجأ إليها الدول عندما تواجه مأزقًا معينًا ومشكلات صعبة مثل الحروب والأوبئة.


ففي هذه المشكلات تتولى الحكومات الائتلافية والمؤقتة معالجة الأزمة ثم تعود الأمور لما ينبغي أن تكون عليه مرة أخرى وكأن شيئًا لم يكن.

*مالذى ترى أن على السلطة السياسية الحالية فعله لتنهى أو على الأقل تخفف من حالة غضب الشعب اللبنانى على تدهور الأوضاع؟


لبنان لم يعد لديه وقت، غير أن السلطة السياسية قد تكون لديها فرصة أخيرة لتظهر للشعب أنها ستحترم القانون والدستور ليس فقط كلاميا، وإنما من خلال الأفعال واتخاذ القرارات المتمثلة في التوقيع على التشكيلات القضائية وحماية لبنان وأراضيه، وعلي من لا يدرك هذا الطريق ويحترم مصلحة الدولة واستقلال القضاء والجدارة في تولي المناصب والمسئوليات وتحكيم الشرعية أن ينسحب تجنبًا لتدهور الأوضاع في لبنان.

 

*كيف ترى السيناريوهات التي تبناها البعض والتي تدور حول وجود أيادي خارجية وراء تفجير مرفأ بيروت؟

أطالب فى هذا الصدد بتعيين هيئة مستقلة تتولي التحقيق في تلك القضية، هيئة تتمتع بوجود كفاءات وأشخاص جديرين بالثقة والخبرة لتوضيح كيفية دخول هذه الكمية الضخمة من «نترات الأمونيوم» إلى لبنان، لا سيما وأن هناك قواعد تحدد نسب معينة لوجود تلك المواد المتفجرة، وتتطلب زيادتها الحصول على موافقة رسمية من مجلس الوزراء.

 

وأتساءل: كيف دخلت تلك الكمية الضخمة من المواد المتفجرة رغم القواعد والقوانين والنسب المشروطة لتواجدها ؟.. معني ذلك أن هناك أياد خفية أدت إلى تفريغ هذه الحمولة في بيروت وأن هناك متورطا في هذا الشأن، وهناك أمر لا بد أن يحل بجدية كاملة وهناك انهيار ثقة بين المواطن اللبناني والحكومة اللبنانية، وأطالب بلجنة تحقيق دولية بعيدًا عن الأجهزة الأمنية، وأن تكون لجنة منفصلة من قبل الجامعة العربية ومجلس الأمن، لجنة تتمتع بالنزاهة للتحقيق في ذلك الأمر، فهذا الأمر لا فهذا األمر ال يحتاج للحكومة اللبنانية بقدرما يحتاج لتلك الهيئات التى نطالب بها للتحقيق، وعلينا إداراك أن لبنان الآن لايتعرض لمؤامرات، لكنه يتعرض لتدخلات خارجية من جانب إيران وسوريا وإسرائيل.

*كيف ترى مطالبة بعض اللبنانيين لماكــرون بإعادة الإنتداب الفرنسى للبنان ؟

هذه المطالب لا تتعدى كونها كلاما فى ثورة غضب، قطعا نحن
نرفض الانتداب الفرنسى كما رفضنا االافتئات من قبل الجيش السورى وإيران، نحن نريد سيادة الدولة اللبنانية، ونرفض أى تدخلات خارجية فى السيادة اللبنانية، كما نطالب مجموعة من القضاة الثقات والعمل للتوصل إلى الحقيقة ولا نريد "لـكلكة" الأمـور كما حدث فى قضية اغتيال الحريرى.

*كيف ترى وضع حزب الله وسلاحه فى لبنان وعلاقته بالتفجير؟


أرى أنه على الجميع أن يقيس حملاته، وليست المشكلة فى أن حزب الله وجماعته أقوياء لكنهم أضعف بكثير مما يبدون عليه، والمرفأ موجود به معظم الاجهزة العسكرية والأمنية، وهناك سلطة لحزب الله على جزء من المرفأ كما له سلطة على جزء من المطار وجزء على الحدود اللبنانية السورية ، وسيادة الدولة عندما تكون هى الوحيدة التى تستخدم السلاح وأنها الوحيدة التى تحقق فى القضايا.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"


الجريدة الرسمية