رئيس التحرير
عصام كامل

لبنان مقابل ليبيا

أثارت زيارة الرئيس ماكرون إلى بيروت بعد انفجار الميناء الكثير من النقاش والتعليقات، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى.. وكان من بين ما قيل إن الأمريكان قايضوا الفرنسيين على لبنان، بأن يتركوه لفرض نفوذهم عليه مقابل أن يقبلو بنفوذ أقل فى ليبيا..

 

وعزز ذلك الاستنتاج الحفاوة الشعبية التى قوبل بها الرئيس الفرنسي فى بيروت، ومطالبة عدة آلاف من اللبنانيين بعودة الوصاية الفرنسية على لبنان للخلاص من هيمنة إيران عبر حزب الله على هذا  البلد العربى، وهو أمر ذكرنا بترحيب قطاع من المصريين إبان الحرب العالمية الثانية بالاحتلال الألمانى للتخلص من الاحتلال البريطانى!

لبنان ينتظر العرب!
وعزز أكثر تلك الاستنتاجات الخاصة بمقايضة لبنان مقابل ليبيا ذلك الاقتراح الذى تقدم به الأمريكان مؤخرا للفرقاء الليبيين والذى يقضى بانسحاب الجيش الليبى من سرت والكفرة وفى المقابل عدم قيام قوات وميليشيات السراج المدعومة من تركيا باحتلالها والاحتفاظ بها منزوعة السلاح، وبعدها يتم استئناف ضخ البترول الليبى عبر الشركة الوطنية الليبية التى تسيطر عليها حكومة السراج!.. وهو اقتراح يضمن تحقيق الهدف الأثير والأهم لدى الأمريكان وهو استئناف ضخ البترول الليبى، ولكنه يقتضى تراجعا للجانب الذى يدعمه الفرنسيون فى ليبيا، وهو الجيش الوطنى الليبى.


وإذا كانت العلاقات الدولية لاتخلو على مدار التاريخ من المقايضات والصفقات، سواء التكتيكية أو الاستراتيجية، إلا إن هذه المقايضة تحديدا ليست سهلة.. فإن لبنان ليست فى حوزة امريكا حتى تقايض الفرنسيين عليها، بل هى تحت هيمنة إيران التى تخوض أمريكا صراعا قويا معها.. ولكى تفرض فرنسا نفوذها عليها فإنها تحتاج لإسقاط الحكم اللبنانى الذى تسانده ايران..

كارثة بيروت.. ومحللو الفيس بوك! 

وهذا ليس عملا سهلا فى ظل إن حزب الله هو حزب يملك سلاحا يهابه كثير من اللبنانيين، حتى هؤلاء الذين خرجوا يهتفون: "ثورة.. ثورة.. وكلن.. كلن".. وحتى اذا سقط هذا الحكم المدعوم ايرانيا فى لبنان فهذا لا يعنى بالضرورة حكما بديلا فى لبنان يسلمه لوصاية لبنانية.. أى أن المقايضة هنا على أمور ليست فى أيدى أو تحت سيطرة المقايضين.


كما إن فرنسا فى المقابل لديها مصالح فى ليبيا تدافع عنها بقوة، مثلما تفعل ايطاليا ويصعب عليها التضحية بها.. ولذلك يصعب تصور أن تقبل انسحابا من ليبيا مقابل نفوذا غير مضمون فى لبنان.

الجريدة الرسمية