التلاسن الكويتي المصري
ما زلت عند الرأي القائل إن عصر الجماهير هو الأخطر على بنيتنا الاجتماعية في كافة الدول العربية، عندما يصبح لكل مواطن حساب افتراضي مهما كانت ثقافته، فإن الرأي المطروح هنا رأى مجروح بالجهل.
أقول ذلك بمناسبة
ظاهرة التلاسن العربى – مصر والكويت نموذجا- وهو الأمر الذى حدا للأسف ببعض صناع القرار
أن يتخذوا من القرارات ما هو استجابة غير منطقية للتاريخ والحضارة ومفهوم الأمة والخطر
المحدق بها.
أعرف كويتيين مثقفين
يعرفون حجم ما يحاك لأمتنا العربية وهم المدافعون عن مصر أكثر من المصريين إزاء هجمات
الجهل والحقد والغل وأعرف مصريين مثقفين يدركون أبعاد المؤامرة وهم المدافعون عن الكويت
أكثر من الكويتيين غير أن هذا الرأي الرشيد أصبح قلة في عصر الجماهير.
ما زلت أتذكر حجم
الكارثة التي حلت بين المصريين وأشقائهم الجزائريين بسبب مباراة في كرة القدم، ساعتها
كانت بوادر عصر الحمق والجهل والجماهير غير الواعية يطل برأسه فأساء معلقون رياضيون
إلى تاريخ الجزائر، وبالطبع كان رد الصحافة الرياضية الجزائرية على نفس المستوى من الغباء.
و"بتوع الرياضة" لا علاقة لهم بتاريخ النضال المصرى الجزائرى المشترك، لا يعرفون حجم التضحيات
التي قدمتها مصر لتخليص الشقيقة الجزائر من براثن احتلال فرنسي دموى، ولا يعرفون كيف
وضعت الجزائر كل إمكانياتها دعما لمصر في حربها المجيدة في السادس من أكتوبر، وكانت
النتيجة تلاسن "حقر" من تاريخنا العربى المشترك عندما كان يدير الأمة رجال!!
علموا أولادكم كراهية الصهيونية
ظاهرة التلاسن الاجتماعي الافتراضي بين مصر والكويت ووصول الأمر إلى رأس صناعة القرار ينذر بكارثة حقيقية لاندثار هذه الأمة التي بها ما يكفيها من أسباب الاندثار والتلاشي.
كل محيطنا يعيد أمجاد إمبراطوياتهم.. على حدودنا عدو يبنى وطنا على أرضنا بقومية يهودية خطيرة، وهناك الفرس
العائدون بقوة، وأصبح العثمانيون الجدد على أبوابنا في طرابلس، أما نحن فإننا ننقاد انقيادا مريعا لغوغاء جماهيرية تزرع الكراهية بيننا وكأننا أصبحنا أعداء وكأننا نبني
مجدا لقوميات ضيقة على حساب قوميتنا وعروبتنا.
إذا ترك الأمر على
ما هو عليه وإذا لم تترك المساحات الإعلامية والثقافية لبناء جسور لها جذور في أمتنا، فلن يكون لنا وجود بعد سنوات قليلة وكما يقول الشاعر العربى العراقي مظفر النواب
"لن يبقى عربى واحد إن بقيت حالتنا هذي الحالة"!!