الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يبرز قصة نجاح الجوهري مع منتخب الأردن
حرص موقع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، اليوم الثلاثاء، علي تسليط الضوء على قصة النجاح التي حققها الراحل الجنرال محمود الجوهري مع منتخب الأردن الشقيق .
ونجح الجنرال الجوهري في إحداث نقلة نوعية مؤثرة في كرة القدم الأردنية، و أول مدرب نجح في قيادة منتخب النشامي لنهائيات كأس آسيا التي أقيمت في الصين عام 2004.
وأكد موقع الاتحاد الآسيوي، أن منتخب الأردن وجد ضالته المنشودة مع المصري محمود الجوهري، الذي عمل مديرا فنيا ومخططا استراتيجيا للكرة الأردنية، منذ العام 2002 حتى أيام حياته الأخيرة في عام 2012 ليحقق قصة نجاح رائعة .
البداية
أسند الاتحاد الأردني، للجوهري مسؤولية الإدارة الفنية للمنتخب الأول، خلفا للصربي برانكو سميليانيتش، وبدأت مرحلة جديدة للعبة هناك حيث الخبرات الواسعة للمدرب المصري، الذي بدأ مغامرة محفوفة المخاطر بعد تجارب عالمية وقارية مميزة، وعلى الرغم من ذلك فإن الشغف كان السمة البارزة لكلا الطرفين وإصرارهما على صناعة التاريخ بطريقة خاصة.
تجارب كروية سابقة للكرة الأردنية لم تحقق أهدافها على المستوى القاري تحديدا، رغم أن الأردن نال ذهبية دورة الألعاب العربية مرتين عامي 1997 في بيروت و1999 في عمان، في المقابل جاء الجوهري محملا بتاريخ ناصع من الإنجازات والألقاب في العديد من المحطات مع منتخب بلاده والأندية في مصر.
وكانت البداية في بطولة غرب آسيا التي أقيمت في دمشق، وخلالها كاد أن يلامس المنتخب الأردني اللقب عندما وصل إلى المباراة النهائية، وتقدم فيها على العراق بهدفي مصطفى شحدة وعامر ذيب، لكن منتخب "أسود الرافدين" قلص الفارق أولا عبر رزاق فرحان، ثم أدرك التعادل بواسطة يونس محمود، قبل أن يقتنص له حيدر مجيد الفوز بهدف ذهبي ليطير بالكأس إلى بغداد.
بطولة أمم آسيا
واستهدف محمود الجوهري الوصول بالمنتخب الأردني، إلى نهائيات كأس آسيا، وبدأ بالفعل التحضير لذلك، لكن البداية كانت صادمة عندما تلقى خسارة كبيرة أمام إيران 4-1، في أولى مبارياته ضمن المجموعة الرابعة من التصفيات.
وجاء الرد الأردني مدوياً؛ ليس بسبب الفوز إياباً على إيران في عمان بثلاثة أهداف مقابل هدفين فحسب، بل بالمستوى الرائع الذي قدمه اللاعبون في تلك المباراة.
وكان الفوز على ايران بمثابة الإنطلاقة الصاروخية للمنتخب الأردني في التصفيات، ونجح بعدها بالفوز على لبنان مرتين بنتيجة 1-0و2-0، ثم الفوز على كوريا الشمالية مرتين أيضاً بثلاثية نظيفة في عمان، واعتبار الأخير خاسراً في لقاء الإياب، ليحتل بذلك النشامى المركز الثاني بفارق الأهداف خلف إيران، ويتأهل إلى النهائيات القارية للمرة الأولى في تاريخه.
رحّبت بطولة كأس آسيا بضيفها الجديد، الذي أكد استحقاقه تلك الحفاوة بعد أن قدم مستويات مميزة في النهائيات بدأها بالتعادل السلبي أمام كوريا الجنوبية، ثم الفوز القاتل على الكويت بهدفي خالد سعد وأنس الزبون، ليتوج بعدها مشوار الدور الأول بالتعادل السلبي أمام الإمارات، ويرافق كوريا الجنوبية إلى الدور ربع النهائي.
وأصبح المنتخب الأردني العنوان الأبرز في صحف ووسائل الإعلام المختلفة في قارة آسيا، التي أفردت مساحات واسعة لتلك المجموعة القادمة من غرب آسيا، بالتزامن مع التركيز على السر وراء ذلك المستوى الذي أبهر الجميع، فكان للمدرب الجوهري أيضاً نصيب الأسد من عبارات المدح والثناء.
في شوارع عمان وغيرها من المدن الأردنية، كان مذاق القهوة الصباحية أيام البطولة على غير العادة، فـ"النشامى" غيّر المزاج العام بلا شك لدى المواطنين، وصولاً إلى رأس هرم السلطات في البلاد حينما قرر ملك الأردن عبد الله الثاني، الوقوف خلف الفريق من الملعب خلال مباراة الدور ربع النهائي أمام اليابان.
واحتاج المنتخب الأردني لـ 11 دقيقة فقط ليثبت أن وصوله إلى ربع النهائي لم يكن مجرد صدفة، بعد أن تلاعب الظهير الأيسر خالد سعد بالدفاع الياباني، قبل أن يعكس كرة عرضية على رأس المهاجم البارز محمود شلباية، الذي أسكنها بحرفنة في الشباك، لكن الفرحة الغامرة لم تدم سوى دقيقتين حتى أدرك "الساموراي" التعادل، الذي استمر في الوقتين الأصلي والإضافي.
وضع الجوهري خبرات السنين في اللحظات المصيرية للنشامى، الذي بدأ تسديد ركلات الجزاء بشكل جيد عكس منافسه اليابان، وكان على أعتاب التأهل إلى المربع الذهبي، لكن الأحداث الدراماتيكية الخالدة أطاحت بالنشامى من البطولة، في سيناريو لا يتكرر كثيراً في عالم كرة القدم.
عودة الأبطال
وحظى منتخب الأردن باستقبال الأبطال بعد العودة من الصين، لينطلق مشوار آخر من الأحلام المنتظرة وهي الوصول إلى كأس العالم 2006، وكان الفريق يسير بالاتجاه الصحيح عندما أنهى مرحلة الذهاب متصدرا للمجموعة الأولى بثلاثة انتصارات متتالية، على لاوس 5-0 وإيران وقطر بالنتيجة ذاتها 1-0.
لكن الأردن خسر في الإياب أمام إيران وقطر بنتيجة 2-0، ليحتل المركز الثاني، ليودع المنافسات مؤجلاً حلم العبور إلى المونديال إلى إشعار آخر.
ولم ينجح النشامى مع الجوهري بتجاوز التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2007، بعد احتلاله المركز الثالث في المجموعة الثالثة خلف الإمارات وعمان، ليأتي بعد ذلك الخروج من دور الأربعة لبطولة غرب آسيا التي كانت آخر عهد للمدرب المصري مع الدكة الفنية لمنتخب الأردن.
وفي عام 2009 عاد الجوهري مخططا ومستشارا فنيا لكرة القدم الأردنية، فصبّ اهتمامه على عمل مراكز الأمير علي للواعدين، ذلك المشروع الرائد، الذي تأسس في العام 2003 تحت إشرافه، وبدأ مرحلة طويلة من التخطيط هناك، لتجني اللعبة ثمارها لاحقاً بعد وصول الأردن إلى الدور الحاسم المؤهل إلى كأس العالم 2014، ومشاركته في ثلاث نسخ متتالية من نهائيات كأس آسيا 2011 في قطر، و2015 في أستراليا، و2019 في الإمارات.
الوفاء للجوهري
تجسد الوفاء الأردني في أزهى صوره بعدما توفي الجوهري في عمان، يوم الثالث من سبتمبر 2012، فكانت جنازته العسكرية المشهودة بمثابة أبرز تكريم لـ"الجنرال"، وعرفاناً وتقديراً لبصمته المؤثرة في كرة القدم الأردنية.
ووصل منتخب الأردن مع الجوهري إلى المرتبة 37 في التصنيف العالمي لشهر أغسطس عام 2004، ليُضاف ذلك إلى سلسلة تاريخية من الإنجازات التي حققها المدرب كقيادة منتخب مصر إلى مونديال 1990، وقبل ذلك الفوز مع الأهلي بلقب دوري أبطال أفريقيا 1982، ودوري الأبطال والسوبر الأفريقي مع الزمالك عام 1993.