حينما يكون التشرد مصيرًا محتومًا
كتبت في هذه المساحة
المحترمة الأسبوع الماضي، مقالاً بعنوان «ملاحظات إنسانية على قرارات الإزالة»، بينما
وصلتني هذا الأسبوع استغاثة من سكان أبراج امتداد شارع ترسة بالهرم طالبوا فيه الجهات
المعنية بالتدخل؛ لإنقاذهم من مصير التشرد المحتوم جرَّاء إصرار محافظة الجيزة على
إجلائهم بالقوة من شققهم دون أدنى تعويض مادي أو نقدي، وذلك رغم تعليمات القيادة السياسية
المشددة بمراعاة البعد الإنساني في مثل تلك الحالات.
طالعت الاستغاثة
جيداً، وعلمت أن معاناة هؤلاء السكان تؤرخ فصلاً جديداً في مآسي التشرد وصناعة الجريمة،
فالأسر التي تسكن تلك الأبراج لديهم أطفال وطلاب في الثانوية العامة.. وجدوا أنفسهم
بين عشية وضحاها مطالبين بإخلاء بيوتهم خلال أيام معدودات من تاريخ نشر هذا المقال،
حيث أمهلتهم المحافظة 15 يوماً فقط مضى جزء من تلك المهلة في صدمة نفسية، تصاعدت تأثراتها
عليهم إلى إصابة أحدهم بأعراض أزمة قلبية، وآخر بارتفاع حاد في ضغط الدم.
ملاحظات إنسانية على قرارات الإزالة
من حق المحافظة شق
طريق بالشارع كما تشاء، طالما كان ذلك للنفع العام، ومن حق الدولة أن تعاقب المجرمين
الذين تاجروا بأحلام الناس وتسبَّبوا في تشييد أبراج دون ترخيص، لكن الأسئلة المنطقية
أين كان سيف القانون منذ عشرات السنين حينما تم توصيل المرافق لتلك الأبراج..
وإذا كانت
القيادة السياسية حريصة أشد الحرص على عدم الإضرار بالناس وتعويضهم حال تنفيذ أي قرار،
فبأي منطق يعد المسؤولون أصحاب المنازل القديمة بذات المنطقة بتعويضات وشقق بديلة،
بينما يظل سكان الأبراج المشار إليها متروكين في مهب الريح.
رسالة إنسانية إلى الوزير سعفان
إنني أثق في روح
القانون وقدرة الدولة على التحلي بها، ولا أريد أن تتزعزع هذه الثقة.. أثق أيضا في
أننا نتحول إلى دولة مؤسسات وأريد لكل مؤسسة أن تتحلى بهذه المسؤولية وتباشر دورها
كما ينبغي..
وأتمنى من السيد محافظ الجيزة أحمد راشد ونوابه، النظر إلى هذه الأسر بعين الأب وعبقرية المسؤول التنفيذي، وأثق تماما أن اللواء أحمد راشد اختيار موفق لشغل هذه الوظيفة وأثق أيضا في قدرته على اتخاذ قرار إنساني ملائم.. والله من وراء القصد.