ملاحظات إنسانية على قرارات الإزالة
يسعد المصريون كثيراً، بفرض هيبة دولتهم في إطار قانون يحترمه الجميع ويطبق على الجميع، وطالما قلنا ونجدد التأكيد على أن هذا الشعب يحب النظام بطبعه، لكنه في الوقت نفسه عاشق بطبعه أيضا لكل من يراعي ظروفه، وما كانت ثورة 30 يونيو سوى صرخة قوية لاستعادة مبادئ الثورة الأولى في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والكرامة..
وحسنا تفعل الدولة بفرض هيبة القانون والتعاطي السريع مع مجريات الأحداث، والأدلة قائمة للجميع بمتابعة الأجهزة المعنية لمواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ ايضا:
رسالة إنسانية إلى الوزير سعفان
أقول قولي هذا بمناسبة،
إزالة مخالفات البناء حتى لا يفهم أحد من أصحاب الظن السييء كلامي على أنه تشجيع للمخالفات
أو دفاع عنها، لكن بعدا إنسانيا يبدو أنه غائب في التعامل مع الأزمة..
فلقد تابعت مقالا لإحدى المحاميات بالنقض يفيض بالألم على رجل دخل مكتبها يبكي كالأطفال بعد أن ذهب «تحويشة العمر» سدى، عقب عودته لمصر بعد سنوات من الشقاء والعمل خارج البلاد ولم يكد يحقق لأولاده حلم السنين ويعوضهم عن غيابه ويبني لهم عقارا لكل واحد منهم شقة، حتى فوجئ بتنفيذ قرار إزالة دكَّ العقار ومعه تحويشة العمر.
ينبغي أن نتعامل مع
البناء المخالف، بروح القانون قبل سيفه، وبفكر الاقتصاد قبل فكرة العقاب، ما المانع
مثلا أن تتوصل الدولة بالنسبة للبناءات المخالفة التي تم بناؤها بعد فرض إجراءات التراخيص،
إلى صيغة مقبولة للطرفين، بحيث تستفيد الدولة ولو بمصادرة جزء من العقار أو فرض غرامة
مالية مقسطة على مالكه وفي الوقت نفسه تنفذ القانون، ويتم التصالح في المخالفات لاحقا
بالطريقة التي ترتأيها الدولة، بحيث يتم التشدد في تنفيذ القانون بحق أي مخالفة تم
ارتكابها بعد سنة 2020..
اقرأ ايضا:
وأكرر التأكيد إنني لا أدعو إلى الدفاع عن المخالفين أو التجاوز عنهم، لكن هناك من اضطرته الظروف للسكن ببناء مخالف، وهناك من دفع «دم قلبه» لستر عرضه في منزل بسيط.
إن الدولة التي تفرض
القانون وتنفذه إنما هي تعمل لصالح شعبها، لكن هذا الشعب أيضا بحاجة إلى روح القانون
قبل عقوبته المنصوص عليها، وبحاجة أيضا إلى تفادي فكرة «التنفيذ الطارئ للقانون»..
والله من وراء القصد.