وزير الأوقاف: لا ازدراء على الدين ولا قتل على المعتقد
أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن حق الجوار هو حق للأفراد والدول على السواء .
وأضاف أن معيار الأخلاق ثابت لا يقبل الكيل بمكيالين , فلا ازدراء على الدين ولا قتل على المعتقد , ولا يُقبل تجريم ازدراء الأديان هنا واعتباره حرية رأي هناك, والأمم التي لا تقوم على القيم والأخلاق تحمل عوامل سقوطها في أصل قيامها , ويجب أن نعمل على ترسيخ القيم الإنسانية بعيدًا عن المتاجرة بالدين أو استغلاله استغلالا سياسيًّا .
جاء ذلك خلال كلمة وزير الأوقاف بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الإيسيسكو الافتراضي الذي عقد اليوم الثلاثاء تحت عنوان : ” دور القيادات الدينية في مواجهة الأزمات .. نحو تضامن أخلاقي عالمي للقيادات الدينية ” , بحضور الرئيس إدريس ديبي إتنو رئيس دولة تشاد , والدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي , و الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو , والدكتور علي بن راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة.
وجاء نص كلمة وزير الأوقاف كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
فإن الأمم التي لا تبنى على الأخلاق والقيم الإنسانية تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها وأسس قيامها :
إنما الأمـــــــــم الأخلاق ما بقيت
فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وإذا أصيب الـقوم في أخلاقهم
فـــــأقم عليهم مأتمـــــا وعــــويلا
فكل الأمم التي خرجت وانحرفت عن القيم والأخلاق كان مآلها الزوال والاندثار .
على أن معيار الأخلاق ثابت لا يقبل الكيل بمكيالين أو مكاييل متعددة تحددها مصالح بعض الدول فترى القتل جريمة نكراء هنا وتغض الطرف عنه هناك ، ولا تقبل ازدراء الأديان هنا وتعده حرية رأي هناك .
إن القيم الإنسانية الحقيقية لا تقبل ازدواج المعايير ولا ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، فلا ازدراء على الدين ، ولا قتل على المعتقد .
وأصل جميع الأديان قائم على الأخلاق والقيم الإنسانية ما لم يشوهها تحريف البشر أو انحرافهم عنها أو قراءتهم الخاطئة لها عمدا وقسرا ولي عنق لنصوصها ، أو جهلا وجمودا وتحجرا عند ظواهر النصوص .
وإلا فأروني أي شريعة من الشرائع أباحت قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين ، أو أكل السحت ، أو أكل مال اليتيم ، أو أكل حق العامل أو الأجير .
وأروني أي شريعة أباحت الكذب ، أو الغدر ، أو الخيانة ، أو خُلف العهد ، أو مقابلة الحسنة بالسيئة .
بل على العكس فإن جميع الشرائع السماوية قد اتفقت وأجمعت على هذه القيم الإنسانية السامية من : العدل ، والتسامح ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، والصدق في الأقوال والأفعال ، وبر الوالدين ، وحرمة مال اليتيم ، ومراعاة حق الجوار على مستوى الأفراد والدول على حد سواء ، والكلمة الطيبة ، وذلك لأن مصدر التشريع السماوي واحد ، ولهذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لعَلَّاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ” ، فمن خرج على هذه القيم فإنه لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب ، وإنما يخرج على مقتضى الإنسانية وينسلخ من آدميته ومن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها .
ونأمل أن تسعى القيادات الدينية لترسيخ هذه القيم بعيدًا عن المتاجرة بالدين والقيم أو الاستغلال السياسي لهما ، بما لا يتسق مع صحيح الدين ولا عظيم القيم .
كما علينا – رجال الدين – أن نعمل وبقوة على إحلال السلام الإنساني في ربوع العالم كافة ، دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق ، حيث كرم الله (عز وجل) الإنسان على إطلاق إنسانيته فقال سبحانه : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ” ، فليكن هذا منطلق الإنسان في التعامل مع أخيه الإنسان .