رئيس التحرير
عصام كامل

والنيل أيضا خط أحمر

الآن وبعد فشل المفاوضات التي استمرت سنوات عشر وقبل العودة إلى مجلس الأمن الدولي مطلوب إعلان مصري بأن ملء السد الاثيوبي هو تهديد خطير لأمن مصر وإعلان للحرب على الشعب المصرى، بذلك يصبح إعلان المبادئ لاغيا وأن السد الإثيوبي غير شرعي وفق القانون الدولي.


 

بحيث يكون رد مصر حاسما واضح الألفاظ لا يحتمل اللغة الدبلوماسية إعلانا على نمط الخط الأحمر، حتى تكون الرسالة واضحة للعالم أجمع، لأن إثيوبيا لن تصل أبدا إلى أى اتفاق بدون ضغوط أو الشعور بتهديدات حقيقية.

فهناك فجوة كبيرة بين هدفها في الهيمنة المائية والاستراتيجية وبين ما تعلنه عن التنمية وتوليد الطاقة، وهذه الفجوة الهائلة ستظل تملأها بكم هائل من المراوغات والأكاذيب، وكان يجب الانسحاب من مهزلة المفاوضات الماراثونية انطلاقا من أن عدم التوصل لاتفاق خير من اتفاق سيئ أو منقوص.


اقرأ أيضا:

نوبة صحيان

 

وسيظل المجال مفتوحا بعد سحب الشرعية عن عملية الملء والتشغيل وعن السد نفسه وذلك لفضح حقائق الموقف التفاوضى أمام العالم كله: فإثيوبيا ترفض أي تدابير لتقليل الضرر فى أوقات الجفاف، وترفض الصفة الإلزامية لأى اتفاقات تنتج عن هذا التفاوض.. كما ترفض أي آلية ملزمة لحل الخلافات. 

وهذا يعني هيمنة مطلقة على النهر وسلاح دمار شامل ضد مصر، فإن تم السد دون تكبيل إثيوبيا باتفاقية ملزمة سيجعلها تعلن أن الماء ماؤها والنهر عندها ومن يريد الماء يشترى، (وهذا هو الهدف الاقتصادي غير المعلن وليس الكهرباء كما تدعي إثيوبيا) وتركها حتى تملأ السد كأمر واقع سيجعل للبلطجة شرعية..

 

وتحويل منطقة الممرات بين إسرائيل والبحر الأحمر لمنطقة مياه دولية مما يسمح بإقامة قناة بن جوريون كبديل عن قناة السويس، وحفر صحارات أسفلها متصلة بأنابيب تحت البحر الأحمر حتى إريتريا لأخذ مياه النيل من إثيوبيا دون الحاجة لتمريرها عبر مصر.

 

وهذا المخطط الرهيب يستهدف تحويل إسرائيل إلى دولة مصب، والضغط على  مصر وتهديدها بالعطش والفناء وإزاء ذلك لا ينبغى أن تتمسك بأقصى درجات ضبط النفس، وينبغى أن يعلم العالم أننا لن تتهاون وإن إثيوبيا تهدد السلم الإقليمي وبالتالي لا بد أن يعلم العالم أننا لن نسمح بأن تمسك إثيوبيا محبس نهر النيل إلا وفق اتفاق قانونى ملزم، وإلا ليذهب العالم كله إلى الجحيم وليبق نهر النيل!

 

اقرأ ايضا: 

خطايا منظمة الصحة العالمية الإثيوبية!

 

وفي نفس الوقت علينا تجنب أي صراع مصري إثيوبي طويل الأمد أو حتى تناحر

عربي أفريقي تم الإعداد له جيدا ويبقى التحسب للحرب النفسية والدعائية وممارسة أقصى أساليب السفالة والتعنت والاستفزاز في طريقة الإثيوبيين منذ بداية الأزمة نوعا من توريط مصر مع الدول أصحاب رؤوس الأموال المساهمة في السد، والذي اكتنفت عمليات بنائه مظاهر فساد مالي وإدارى وفنى لو تم كشفها بعيدا عن الحرب لأظهرت إثيوبيا في مأزق كبير خاصة أن الدعاية الإثيوبية ألقت في روع شعبها الذي يشكو غالبيته من كل أشكال الجهل والفقر والمرض أن إثيوبيا ستنتقل بعد السد إلى مصاف الدول العظمى.

برغم أن جدوى توليد الكهرباء منه تدمغ هذا الاعتقاد بالغفلة وأن القائمين عليه مارسوا أكبر عملية نصب اقتصادي في التاريخ على شعب بكامله، يعانى من التشرد في كثير من مناطق بلاده ومجاعات تحدث كل سنة لا يتم أي تركيز إعلامي عليها وخلافات دينية وعرقية كلها ستنفجر بمحرد اكتشاف أن السد لن يحول حياتهم إلى سويسرا .


ومن شواهد الحالة العبثية التي تعففت مصر عن توظيفها بآنتهازية أن إثيوبيا التى تقف على حافة الفوضى والحرب الأهلية تسعى فى ذات الوقت للتحكم فى مقدرات دولة بحجم مصر، وتتصور أن هذا أمر متاح لها رغم أنها معرضة لحرب أهلية.

 

فجوهر محمد الزعيم الأورومى المعارض يقول انه (أورومى أولا.. وإن اثيوبيا فرضت عليه) .. ويقول أيضا (ليست هناك شعوب إثيوبية وإنما شعوب تعيش فى إثيوبيا).. هذا هو واقع الحال وانظر إلى ما يحاولونه من مزاعم وخطابات مريضة وهو ما يفضح الصورة الزائفة التى جرى رسمها لآبى أحمد كرجل إصلاح وسلام تنهار تحت وطأة الاضطرابات.. فإما أن يقبل مطالب القوميات المختلفة ، فتتلاشى سلطته ، أو يتحول إلى الحرب الأهلية عبر تعميم عمليات القتل والاعتقالات الحالية.

 

الجريدة الرسمية