ما حكم تناول الأكل بالشوكة والسكينة في ضوء " كُلْ بِيَمِينِكَ " ؟.. المفتي السابق يجيب
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، كان سيدنا عمر - رضي الله عنه - أيسر أعسر، فكان يكتب بشماله وبيمينه، وكان يتناول بيمينه وبشماله علي حد سواء، يحمل الشيء بيمينه كما يحمله بشماله .. فالأعسر الأيسر موجود في الصحابة، بالنسبة للأكل بالشوكة والسكينة فإنني حتى أستطيع أن أتمكن فإنني أمسك السكينة باليمين، والشوكة باليسار فأنا أستعمل يديّ الاثنتين، وإذا استعملت يديّ الاثنتين فيجوز أن آكل بالشوكة في شمالي، والسكين في يميني؛ لحديث أخرجه الإمام أحمد أن النبي ﷺ كان يأكل بيمينه ويساره، في يده اليمني قثاء وفي يده اليسرى بِطيخ، يكسر حر هذا ببرد هذا.
وأضاف: هذا مقام سيدنا رسول الله ﷺ ، يأخذ البِطيخ ثم يأخذ القثاء .. القثاء صلبة وبها حر بعض الشيء، فيأخذ عليها بعض البطيخ .. فواحدة من هنا وأخرى من هناك, فها هو يأكل بالشمال .. لماذا يأكل بالشمال؟ لأنه يستعمل يديه الاثنتين .. لكن عندما نأتي ونستعمل يدًا واحدة نأكل باليمين، نمسك الشوكة باليمين .. وحتى في" الإيتيكيت" العالمي الآن، بعد دخول" الإتيكيت" الأمريكي, الذي غطى على" إتيكيت" المائدة الإنجليزي والفرنساوي، أصبح الأكل باليمين .. ثم إن الله - عز وجل - يقول: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}.
فمن لا يستطيع أن يستخدم يده اليمنى فلا حرج أن يستخدم اليسرى، فالتيمن سنة وليس فرضًا، أما الذي يتكبر، ويأكل بالشمال وهو يستطيع أن يأكل باليمنى، فهذا هو الذي يأكل معه الشيطان، فالمنهي عنه هو الكبر في الأكل، فالأكل بالشمال نوع من أنواع التكبر في الأكل.
وأردف قائلا: أنا أتذكر أنه من علامات الكبر مثلا يضع السيجارة بين إصبعيه الخنصر والبنصر، بغض النظر عن أن الدخان حرام، لكني أريد أن أقول: إن هناك وسيلة في الأكل أو الشراب يبدو فيها الكبر، والنبي ﷺ نهى شخصًا يتكبر, وأمره أن يأكل بيمينه، فقال: لا أستطيع أن أفعل إلا هكذا ، فالرد كان سخيفا منه، فهذا يأكل معه الشيطان من أجل الكبر وليس من أجل" الإتيكيت" الخارجي هذا .. فـ" الإتيكيت" الخارجي هذا ما زال في نطاق الأدب والسنة، ولذلك فليست هناك معصية إذا لم تكن هناك قدرة، وليست هناك معصية إذا استعملت يديّ الاثنتين.
وأكد أنه لمن أرد الثواب و"الإتيكيت" المعتبر في هذا فعليه باستعمال اليمين استقلالا .. وعلى الإنسان أن يحاول، فإذا فشل في المحاولة فلا شيء عليه، ولا شيء عليه إذا نسي، لأن الرسول ﷺ قال للغلام وهو يعلمه: « يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ » وكلها آداب. فلو نسى أحدنا البسملة فهو قد ترك آدابا، وليس معناه أنه قد وقع في معصية .. ولو لم يأكل بيمينه، ولو لم يأكل مما يليه .. فكل هذه آداب أراد رسول الله ﷺ أن يبين لنا أنه ينبغي لنا أن نهتم بـ" الإتيكيت" والآداب التي نسميها نحن الآن (آداب اللياقة).