رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فخ ليبيا والعقيدة القتالية

ارتباطا بحالة الجدال الدائرة حاليا حول خطاب الرئيس السيسي بالمنطقة الغربية العسكرية، الذي جاءت كلماته واضحة وقوية بإمكانية اللجوء إلى الخيار العسكري إذا ما اضطررنا لذلك.


فقد امتزجت هذا الحالة من الجدال ما بين تحليلات أكثرها مليء بالحماس للحرب تارة، والأمنيات تارة أخرى، غاب ما بين الجانبين ملاحظات أخرى جوهرية تجعل الحديث والتحليل يتجاوز أبعاد الأزمة الحالية إلى ما هو أبعد من ذلك وهي محاولات سعت إليها بعض الأطراف الدولية في الماضي لإعادة تعريف أدوار الجيوش الوطنية في المنطقة العربية خلال العقود الأخيرة، وذلك لتغيير العقيدة القتالية لديها لتكون موجهة بالأساس لمكافحة الإرهاب.


وجاء ذلك بشكل محدد ضمن ركائز استراتيجية التحرك الأمريكي لمكافحة الإرهاب في أعقاب أحداث ١١ سبتمبر وتم السعي الحثيث لتحقيق ذلك مع مصر بأدوات الترغيب وحزم المساعدات العسكرية والمالية التي تقدمها الولايات المتحدة وذلك خلال فترات المناورات المشتركة (النجم الساطع) التي كانت تجريها الولايات المتحدة مع مصر، وكانت خلالها يتم تبادل الخبرات حول تكتيكات الحرب التي كانت ومازالت مصممة ومخططة لدى مصر تجاه العدو الإسرائيلي.

 

 داعش وفرص استعادة الزخم في الساحة الليبية


وهو ما سعت الولايات المتحدة إلى تغييره واستبداله بالإرهاب مثلما حدث مع العديد من الوحدات العربية وتم استبداله بالخطر الإيراني، إلا أنه كان هناك رفض قاطع من جانب مصر لذلك .


مع التحولات والاضطرابات التي شهدتها المنطقة خلال الفترات الماضية منذ ٢٠١١ وتضخم حجم التحديات التي تواجهها المنطقة العربية وفي القلب منها مصر على نحو بات معه هذه التهديدات تشكل أخطارا وجودية وتم تضمين خطر الإرهاب ضمن مصادر تلك التهديدات لتحقيق السعي السابق وهو ما فشلت تلك الأطراف في إحداثه عبر بوابة سيناء التي تمكنت القوات المسلحة من بسط سيطرتها عليها وتحجيم هذا الخطر هناك .


وهو ما دفع تلك الأطراف لخلق هذا التهديد في مناطق أخرى للعمق الاستراتيجي المصري كالبوابة الغربية لمصر (ليبيا) بشكل تسعى من خلاله تلك الأطراف دفع مصر إلى تلك الحرب التي لن يكون الخصم فيها قوات نظامية بالمعنى المتعارف عليه في الحروب التقليدية وإنما ميلشيات مسلحة تعتمد نمط حروب الشوارع الاستنزافية بشكل سيسهم في تحقيق الغرض الخبيث الذي سعت إليه هذه الأطراف عبر سنوات بأدوات الترغيب التي لم تجد وتم التمهل لتهيئة الفرصة لتوظيف أدوات الترهيب التي مصدرها خلق التهديد المباشر من خطر الإرهاب الذي بات يلاحقنا شرقا وغربا.

 

من يشعل الوضع في ليبيا


وعليه يجب إدارة تلك اللحظة الفارقة التي يتم خلالها إعادة ترسيم المنطقة ومناطق النفوذ خلالها بشكل لا تريد الأطراف الإقليمية والدولية حضور مصر فيها كرقم صعب يشكل حجر عثرة أمام تلك المخططات من خلال تقويض حركتها وتشتيت قدراتها العسكرية التي تعمل على موازنة أدوار تلك الأطراف، وبالتالي لا ينبغي الانسياق وراء هذه المحاولات بالتورط في تلك الحرب وتحقيق ما ترغبه هذه الأطراف التي تحفز تصريحاتها واعتقد ما تقدمه أيضا من نصائح في الكواليس الاتجاه نحو الحرب..

 

ولكن نحن على ثقة بإدراك صانع القرار لتلك التحديات ومكامن الخطر لذلك التحرك والتكلفة المتوقعة لذلك.


وأيا كان قرار الدولة المصرية لابد وأن نصطف جميعا خلف هذا القرار وندعمه في تلك اللحظة الفارقة في تاريخ مصر. حمى الله مصر وجيشها ووقاها شرور ما يُحاك ضدها وجعل كيد أعدائها في نحورهم.

Advertisements
الجريدة الرسمية