رئيس التحرير
عصام كامل

داعش وفرص استعادة الزخم في الساحة الليبية

منذ يومين تبنى داعش الهجوم الثاني (في أقل من أسبوع) على قوات الجيش الوطني الليبي، حيث جاء الهجوم الأول مستهدف مدخل مواقع الكتيبة 628 مشاة، وذلك على خلفية القبض على أحد قياديي التنظيم محمد الرويضاني المكنى بأبي بكر الرويضاني.

 

وهو أحد العناصر التي انتقلت من مناطق الصراع في سوريا ليفتح الباب أمام عدد من التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الهجمات يسعى التنظيم من خلالها إلى استعادة الزخم لنشاطه عبر الأراضي الليبية وخاصة في القسم الجنوبي؟ أم أنها مجرد هجمات تكتيكية تأتي في إطار رد الفعل على استهداف عناصره؟ أم أنها تأتي في إطار توظيفي غير مباشر من الجانب التركي في إطار المعارك الدائرة حاليًا فيما بين قوات حكومة الوفاق وقوات الجيش الوطني؟ خاصة وأنه معلوم أن غالبية القوات التابعة للوفاق كانت قد شاركت في الصراع السوري وتم نقلها إلى ليبيا بإشراف تركي.

 

اقرأ أيضا: مذكرتي تفاهم "تركيا والوفاق" مناورة لمنح أردوغان شرعية التدخل في ليبيا

 

 إلا أن الإجابة عن هذه التساؤلات لا يمكن تدقيقها بمعزل عن تحليل السياق الحالي في ضوء معطيات المشهد الليبي الراهن، والذي يهيأ بدوره جملة من المحفزات التي ترجح أحد المسارات السابقة، وهو ما يمكن إجماله على النحو التالي:

 

تصاعد درجة الصراع بين قوات الوفاق (الغرب) وقوات الجيش الوطني (الشرق) على النحو الذي يوفر مساحة حركة للتنظيم لمحاولة استعادة الزخم لنشاطه وتعزيز مكاسبه الكمية (عدد العمليات وعدد العتاد العسكرية المدمرة) وليست النوعية المتمثلة في فرض السيطرة وكسب أراضي جديدة.

 

ويتجلى ذلك فيما يصدره التنظيم من حصاد أسبوعي لعملياته في مجلته الأسبوعية (النبأ) حيث لم يذكر التنظيم خلال العدد الأخير للمجلة (235) الصادر الأسبوع الماضي سوى 3 عمليات فقط في ليبيا.

 

اقرأ أيضا: من يشعل الوضع في ليبيا

 

- تكريس الوضع الحالي للصراع لنمط حروب الوكالة، التي تساعد بدورها في تعزيز زخم دور التنظيمات المتطرفة من خلال عقد الصفقات مع الأطراف المتنازعة في مقابل توفير الفواعل الإقليمية الرئيسة المساعدات اللوجيستية (من عتاد وأسلحة وأموال) وهي الصيغة الأقرب للمعادلة التي تعتمد عليها أنقرة في تغيير ميزان القوة لصالح وكيلها المحلي (حكومة الوفاق) في الغرب الليبي.

 

ـ هشاشة الوضع الحالي في مناطق السيطرة لأطراف النزاع في كل من الغرب والشرق الليبي، خاصة على خلفية توتر علاقة الطرفين ببعض القبائل المرتكزة في تلك المناطق والتي كان يعتمد عليها الطرفان في ملء الفراغ الذي يخلفه وراءه كل طرف في ظل ضعف الإمكانات البشرية لكل منهما بشكل يحول دون الاعتماد الذاتي في فرض سيطرته الكاملة على أراضيه.

 

اقرأ أيضا: المسماري: أردوغان نقل 200 عسكري تركي لليبيا

 

ومن ثم، تسهم هذه المحفزات في تعزيز زخم نشاط التنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها (داعش) إلا أنها تأتي في إطار تكتيكي مرحلي وليس ضمن استراتيجية للتنظيم لتكريس وضع مستدام عبر كسب أراض جديدة وذلك في إطار مساحة الحركة التي يوفرها الفواعل الرئيسة في الصراع ضمن مظلة التوظيف الفعال لتلك العناصر المتطرفة لترجيح كفة الوكيل المحلي التابع للفاعل الإقليمي في الصراع الدائر.

الجريدة الرسمية