الدراما و" التحرش " وبنات " التيك توك " !
كان صديقي مهندس الكمبيوتر وقد أوصلوني إلى مكتبه قد ترك المكان ليتابع بعض الأمور وفي غياب استمر لدقائق كان العمل الدرامي الذي كان يتابعه وتركه بلا توقف لحين عودته، وفي مشاهد معدودة قد ورد به لفظ "الخيانة" ومشتقاتها عددا يدعو للقرف!
بينما كانت كلمة "القذارة" تقال بلفظ آخر مباشر وبما لا يصح أن نعيده وبما لا يصح أن نزعج قارئنا به!! وقد عاد صديقي ليضحك كثيرا ويخبرني أن هذا من " الأعمال الدرامية النظيفة" مقارنة بغيره!!
في حياتنا اختفى تقريبا
سؤال "نفسك تبقي إيه لما تكبر"، ربما عاد بعض الشيء بعد مسلسل أحمد منسي
ذلك لغياب النموذج فعلا.. فلا يوجد رمز ـ تقريبا ـ إلا وتم تشويهه.. ولا توجد
مهنة إلا وتم تشويهها والإساءة إليها..
لذلك لا يتبقى أمام البنات
والأولاد إلا النماذج التي تقدمها الدراما في المثال الأول.. الثراء
السريع.. الصراع مع المحيط حتى لو كان المجتمع كله.. الاستمتاع
بالانتقام.. الجبروت.. قيمتك تساوي قرشك.. إلى آخره!
كثيرون يتحدثون
طويلا عن الاختراق السياسي لكنهم في الوقت نفسه اعتقادا منهم أنهم يدعمون
الحرية لا ينتبهون لمسارات الاختراق الأخرى.. الثقافة.. القيم.. ومنها المظهر
والملبس بل والمأكل الذي أصبح غربيا بالكامل.. فرديا بالكامل.. تكاد الأسر
لا تجتمع على طعام واحد، ولذلك وبسبب هذا التفكك لا تنتبه الأسر لسقوط أبنائها إلا بعد وقوع الكارثة!
للموضوع ـ المخطط.. الاختراق ـ جذور طويلة وبعيدة بدأت بعد الانفتاح الاقتصادي عام 74 عندما تحولنا من مجتمع الكل في واحد إلى مجتمع التعدد الطبقي والثقافي، وأن الواحد أحيانا أهم من الجميع لكن..
ليس دفاعا عن يوسف الشريف ولكن!
الدراما التي نراها ابنة العامين الثلاثة الأربعة الأخيرة.. فأين كانت الرقابة؟ أين كانت المؤسسات المختلفة؟ أين كانت المراكز المتخصصة وكانت ذات فترة عيون المجتمع التي ترصد وتبحث وتناقش وتحذر وتضع الحلول؟!!
للأسف الموضوع طويل ومن فرط تعقيده يحتاج إلى الكتابة عنه مرات ومرات.. ومن يتحملون المسئولية فيه كثيرون.. المصيبة أن
نبني للوطن ثم لا نجد في المستقبل ـ المتوسط والبعيد ـ من لا يقدرون البناء
ولا الوطن!