مجلس الأمن واليوم المصري المشهود
كان يوم التاسع والعشرين
من شهر يونيو الماضي في جلسة مجلس الأمن، عندما اجتمع لمناقشة قضية سد النهضة، يوما
مشهودا بالنسبة لمصر؛ لأنه فى ذلك الاجتماع تم التأكيد على قوة مصر وعظمة
دبلوماسيتها وعراقتها..
فقد جاء هذا الاجتماع بناء على طلب مصر، واستبقت
مصر الجلسة بإجراء سلسلة اتصالات ومشاورات رفيعة المستوى مع الدول الأعضاء في مجلس
الأمن وقامت بالتنسيق مع فرنسا، التي تترأس المجلس خلال شهر يونيو، وكذلك الولايات
المتحدة التي استضافت عدة جولات للمشاورات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان.
وهذا الأمر يسر سبل
انعقاد هذه الجلسة التي حاولت أطراف عديدة أن تمنع انعقادها، خاصة محاولات تركيا وقطر
بدعوى أنه لا محل من انعقاد جلسة لمناقشة أمر المياه والسد؛ لأنه لم يسبق لمجلس الأمن
أن عقد جلسة لمناقشة مثل هذه الأمور، وبدعوى إن الاتحاد الأفريقي هو المسئول عن مناقشة
ذلك، لكن لقوة الدبلوماسية المصرية وعراقتها تم الموافقة من معظم الدول خاصة الدول
الخمس دائمة العضوية على انعقاد الجلسة .
خطة طموحة لتوفير الأسماك للمواطن البسيط
وبغض النظر عما يجيء
مترتبا على جلسات مجلس الأمن لمناقشة قضية سد النهضة، فإن مجرد مناقشة القضية وعرضها
على الأمم المتحدة نصر كبير في حد ذاته؛ لأن مصر بذلك أخرجت القضية ليراها العالم
كله ويشاهد بنفسه التعنت الأثيوبي، ولو أن مصر متعنتة أو مخطئة أو متجنية لما غامرت
بإخراج القضية للعالم كله، وكان الجانب الإثيوبي هو الرافض أن تناقش القضية في مجلس الأمن
أمام العالم..
بما يؤكد تعنته ووقوف دول الشر مثل قطر وتركيا وإسرائيل من خلفه حتى يعطش
مصر أو تضطر لضرب السد؛ مما تكون ذريعة لتركيا وقطر وإسرائيل بالعمل من خلال أبواقهم
الإعلامية الضخمة على محاولة فرض عقوبات على مصر وإضعاف مركزها المتنامي في العالم .
جاءت هذه الجلسة
العلنية لترد على أكاذيب الجماعة الإرهابية ومن يسير في ركبهم، وحاول مندوب أثيوبيا
في المجلس التنصل من حقوق مصر المائية عبر التاريخ بحجة نهضة إثيوبيا!.
ولكن إثيوبيا لا
تدافع عن السد لأنه يفيدها اقتصاديا لتوليد الكهرباء كما تزعم؛ لأن توليد الكهرباء
لا يحتاج لسد ضخم يخزن خلفه 72 مليار متر مكعب وإنما يحتار لسد بسعة أقل من ذلك بكثير،
ووقتها سيولد نفس كمية الكهرباء التي يولدها السد الضخم، لكن طبعا المقصد الأساسي هو
الإضرار بمصر من ناحية الحقوق المائية..
بيزنس "الكمامات" في وزارة التموين
كما انه في حالة
انهيار السد فسيلحق خسائر فادحة للسد العالي وأسون كما يحلمون ويظنون؛ لذلك فتعنت إثيوبيا
لم ينبع من داخلها ولكن ممن خلفها من قطر وتركيا وإسرائيل، فقطر لها أكثر من 6 مليارات
من الدولارات في إثيوبيا وقد حذرت رئيس وزراء أثيوبيا من أنه في حالة عقد اتفاق عادل
مع مصر ستسحب هذه الأموال فجأة، وكذا الأمر من تركيا وإسرائيل التي أمدت أثيوبيا بصواريخ
تنشرها حول السد ثم ادعت بعد ذلك أنها باعت الصواريخ لوسيط وهو الذي باعها لإثيوبيا .
وبالتالي فانتظار
أن تنتهج إثيوبيا نهجا عادلا غير وارد فكل ما تريده أثيوبيا حاليا أن تضرب مصر السد؛
لأن به عيوب تقنية ومعرض للانهيار إذا تم الملء بسعته الكبيرة، وإذا انهار السد اضطرت
أثيوبيا لدفع المبالغ التي دفعتها الدول كاستثمار في السد، كما سترد المبالغ التي دفعها
الإثيوبيون في السد، لكن بضرب مصر السد لن تضطر أثيوبيا رد أي مال بل أنها ستحصل على
دعم آخر من قطر وتركيا وإسرائيل .
وقد فهمت القيادة
السياسية ما تحاول إثيوبيا فعله واستفزاز مصر لضرب السد؛ لذلك اتجهت لحرب الدبلوماسية
وتعرية إثيوبيا امام العالم كله بالمستندات والحقائق، وإظهار التعنت الإثيوبي الواضح
في كل المراحل خاصة في مراحل التفاوض في أمريكا برعاية ترامب نفسه، حيث وافقت إثيوبيا
على كل الخطوات وعندما جاءت اللحظة الأخيرة للتوقيع على الاتفاقية وقعت مصر وهربت إثيوبيا
من أمريكا بحجج مضحكة واهية، وذكرت أن أمريكا مارست عليها ضغطا !!
لكن ذكاء القيادة
المصرية وضع إثيوبيا في خانة محرجة جدا أمام العالم كله، فمصر أوضحت عدالة مطالبها
من أن تبني أثيوبيا السد لكن لا تلحق بنا ضررا مائيا، وبالتالي تفهم العالم عدالة
مطالبنا، وفي جلسة مجلس الأمن رأى العالم بنفسه ما تقوم به إثيوبيا من تعنت، كما رأى أن
اثيوبيا ترفض أن يناقش مجلس الامن القضية بحجة مناقشتها في الاتحاد الأفريقي؛ مما يدل
على التعنت الإثيوبي الظاهر، وبالتالي صارت المعركة بين أثيوبيا والعالم أجمع عدا دول
الشر قطر وتركيا وإسرائيل، وبالتالي صارت إثيوبيا ملزمة بأن تتخذ خطوات تمنع ضرر مصر
والسودان.