حتى لا يلتقى الجمعان وتنجح باترسون
مشاهداتي الشخصية الميدانية لأحداث الاتحادية تجعلني أكثر خشية على أرواح أبناء الوطن الواحد، بعد أن قسمتهم الجماعة ومندوبها فى الرئاسة إلى "إخوان" و"مصريين" بفعل سياساتها وخطاباته المعوجة، ولا أستبشر كثيرا خيرا من النزول الجماعي في جبهة واحدة باتجاه القصر مقر وجود مرسى وباكينام ومحترفى الفهلوة من بلداء الحوار الوطني.
في الاتحادية كانت ميليشيات الجماعة ومن على شاكلتها منظمة ومدعومة بالسلاح بطريقة احترافية، بينما سقوط الضحايا والمصابين ومنهم الزميل الشهيد الحسينى أبو ضيف، بالخرطوش والأسلحة النارية، تؤكد توافق النية المبيتة للعنف مع الدعوات إليه على ألسنة قيادات حملت المعتصمين سلميا نتيجة الأحداث مسبقا، فيما تعيد ذكراها إلى الأذهان تأكيدات الدكتور كمال الجنزورى ومجلس الوزراء فى اجتماعه أول أبريل 2013 على تهريب أكثر من 10 ملايين قطعة سلاح إلى داخل الحدود المصرية حتى تاريخه، زادت بمرور عام جديد، واستخدمت في مواجهات متفرقة مع شعب وشرطة وجيش مصر.
ولأنك أمام نظام يمارس العته السياسي فترقب تعامله مع أحداث 30 يونيو بطريقة "الضربة التى لا تقلتني تقويني"، أضف إلى حالة الجنون التى أصابته أسبابا دولية وإقليمية تعزز أفكاره الشيطانية تجاه "أهل مصر"، أبرزها جرعة الثقة التي تمنحه إياها السفيرة الأمريكية التي باتت ملقبة فى إفيهات مصرية بـ"آن باتريوت"، متذكرين مع سيرتها دورها فى إحداث الفوضى ببلدان أخرى بشيطنة تيارات الدين السياسي والعنف داخلها قبل حضورها إلى القاهرة.
ولأن كرة العنف الإخواني لعبة خماسية التشكيل تعتمد "الانتفاع بالجهل، استغلال الدين، استرجاع سيرة مبارك، أخونة الموائمين، واعتماد الدعم الأمريكي بضمان استقرار إسرائيل"، فلا تتوقع أن تكون الميادين مثالية حضارية تشهد حوارا بين مصريين وإخوان أو خلافا، لدرجة لا تتدخل فيها أسباب العنف الحاضرة سلفا بقوة طرد الجماعة وحليفاتها فى الداخل والخارج، ولا تنتظر تجريما حقيقيا لمشاهد ووقائع قتل مرتقبة على أيدى أتباع الجماعة، بفعل كتابات من باعوا ضمائرهم وأقلامهم مقدما.
مشهد الاتحادية رصدتُ خلاله سقوط ضحايا ومصابين من سكان شرق القاهرة كمثال، يعيشون داخل مناطق خرجت منها جماعات البلطجة التى دعتها قيادات الجماعة، بخلاف تسخير مساجد واقعة تحت سيطرة الجماعة وشقيقاتها، للدعوة إلى الخروج تحت مزاعم حماية الشرعية، وتوافد جماعى لمسلحين منقولين بشكل جماعى لحصار محيط الأحداث وقتل وإصابة الفارين من عمليات التعذيب والتنكيل داخل بيوت الله القريبة من القصر.
فى هذا المناخ سقط الحسينى و7 آخرون من المعتصمين والمتظاهرين السلميين سعت الجماعة إلى شراء جثثهم قبل ظهور مرشدها إماما للصلاة على ضحيتين اثنتين لأتباعه، ولأن معركة تغيير النائب العام واستقدام وزير داخلية على المقاس استهدفت بالأساس تجميد التحقيقات فى كافة الجرائم وعدم معاونة النيابة بتحريات واضحة وعاجلة حولها، ضاعت حقوق الحسينى وآخرين وضحايا التعذيب الذين ظهر جلادوهم فى فيديوهات واضحة أذاعتها صحيفة الوطن وقتئذ..، راجع فيديوهات مماثلة لقيام أتباع للجماعة وقياداتها بتعذيب مواطنين داخل مقار شركات سياحة بميدان التحرير فى أحداث يناير 2011 للحصول منهم على اعترافات بأنهم ينتمون إلى الحزب الوطنى وأمن الدولة.
لن يتحرك النائب العام ولا الرأي العام العالمي ولا السفيرة الأمريكية ونظامها المحرض للإخوان على العنف الداخلي تجاه شعب مصر والخارجي تجاه الشعب السوري الشقيق، ولن تظهر فرصة واحدة لمنظمات دولية ترصد وتدين استخدامه ضد محتجين سلميين، وستقصى تقاريرها بفعل الترويج للحكم القضائي الأخير ضدها، وستترك الحالة المصرية منفردة دون تدخل إقليمي أو دولي، وسيكون تجنيب الجيش فى اللحظات الأخيرة مدعاة لمشهد باكستاني جديد، وربما سيكون التعامل الأمريكي الإخواني مع تدخله استنساخا للمشهد السوري..
ولم يعد المصريون على استعداد لسداد فاتورة انحراف جماعة شبابية أو تجمعات كروية نحو تشويه فكرة "تمرد" وحركة المصريين فى 30 يونيو، بالدخول فى معارك مع قوات شرطة أو جيش أمام منشآت حكومية، ربما النزول الجماعى "المحلى" للمصريين داخل الأحياء السكنية لتصدير فكرة الاحتجاج إلى سكانها، أقرب إلى مواجهة منطقية مع كرة العنف الإخوانى الخماسية، لتصحيح صورة "المتظاهر والمحتج" لدى عقول أمية تغزوها خطابات خطباء دور عبادة معدومى الضمير، ولجعل مواجهة النظام المعتوه أكثر واقعية بتشتيت قدرته على المواجهة المباشرة على أرض واحدة بين جمعين.. أحدهما سيسقط بالضرورة.