د. حنان طاهر تكتب: كيف نستفيد من تجارب الماضي لنواجه المستقبل؟ (3 – 4)
دائما هناك تخطيط وتنسيق بين إسرائيل وتنزانيا فيما يتعلق بالزراعة والمحافظة على المياه، ودعت إسرائيل وزيري الري والمياه التنزانيين لحضور مؤتمر في إسرائيل للاطلاع على أفكار جديدة بخصوص المياه، والكفاءة في استخدام الطاقة، وتحلية المياه. وهي ترى أن إسرائيل رائدة في هذه المجالات، وأن لديها مشروعات للطاقة المفيدة لتنزانيا.
قامت في السبعينيات من القرن الماضي منظمة تنمية وتطوير حوض نهر كاجيرا، وحددت المساحة المستهدفة بـ 60 ألف كيلو متر مربع من أراضي المنابع الاستوائية للنيل في أربع دول هي: بوروندي ورواندا وأوغندا وتنزانيا، وكانت تنزانيا قد تقدمت بطلب في منتصف الستينيات إلى برنامج الأمم المتحدة للتنمية لإرسال لجنة فنية لمتابعة ودراسة وإقامة تنظيم مشترك لحوض نهر كاجيرا، وهو أحد روافد بحيرة فيكتوريا، ثم قامت كل من رواندا وبوروندي وتنزانيا في يوليو 1970، بتقديم طلب آخر إلى مجلس محافظي برنامج الأمم المتحدة للتنمية الذي قرر تكوين لجنة فنية، أوصت بإنشاء خزان رسومو على نهر كاجيرا عند الحدود الرواندية البورندية التنزانية، ووقعت اتفاقية بينهم في 1977، وانضمت إليهم أوغندا في 1981.
ولكن مع التدخلات الإسرائيلية والحاجة إلى مياه النيل، فإن تنزانيا بدأت تسعى لإقامة سدود دون النظر لرأي دولتي المصب؛ مصر والسودان، وقام وزير الثروة المائية التنزاني بصب جام غضبه على مصر، وأعلن صراحة أن بلاده ستمد خط أنابيب بطول حوالي 170 كيلو جراما من بحيرة فيكتوريا لتوصيلها إلى حوالي 24 قرية، وأن أجزاء واسعة في الشمال الغربي لبلاده تتعرض لأزمة المياه والجفاف، وأنها لا تعترف باتفاقية مياه النيل التي تعطي الحق لمصر في أن توافق أو لا توافق على أي مشروع يقترحه أي عضو من أعضاء دول حوض النيل للاستفادة من المياه، قائلا إنه اتفاق لا يلزم بلاده، وأنها لن تلتزم بهذا الاتفاق، وستمضي قدما في إنشاء مشاريعها دون استشارة مصر.
فيما كشفت مصادر مسئولة بوزارة الخارجية المصرية، عام 2009، أن إسرائيل وافقت على تمويل إنشاء خمسة سدود لتخزين مياه النيل لكل من تنزانيا ورواندا، مشيرة إلى أن الموافقة الإسرائيلية جاءت في أعقاب قيام جهات بحثية إسرائيلية بعمل دراسات جدوى اقتصادية، أثبتت أهمية تلك السدود.
وسيكون نصيب تنزانيا من هذه السدود أربعة، أما رواندا فسيكون نصيبها سدا واحدا... وستقوم البلدان بإنشاء هذه لسدود دون إخطار مصر، أو أخذ موافقتها مسبقا.
وتأتي هذه الخطوة بعد موافقة إسرائيل في سبتمبر 2008، على تمويل إنشاء 3 سدود لتخزين مياه النيل في أوغندا، وجاءت موافقة إسرائيل في أعقاب الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان لخمس دول أفريقية، هي: إثيوبيا وكينيا وأوغندا وغانا ونيجريا، منها ثلاث تقع في منطقة حوض النيل، واستغرقت الزيارة 10 أيام، واختتمها يوم الجمعة 11 سبتمبر 2008، وبحث خلالها إنشاء مشروعات مشتركة إلى جانب تطوير العلاقات الاقتصادية معها، حيث إن إسرائيل ترى أن هذه الدول تعاني مشاكل مياه، بينما تل أبيب لها تجربة جيدة في مجال تحلية المياه، وسبق أن عرضت خدماتها على الدول الأفريقية.