رئيس التحرير
عصام كامل

الأزهر وفتاوى السلطان


البيان الذي أصدره الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وتضمن أنَ المعارضة السلمية لولي  الأمر "الشرعى" جائزة ومباحة شرعا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر جاء بمثابة صفعة للمتاجرين بالدين، وخفافيش فتاوى الإرهاب، ومحتكري دكاكين الفتنة، ومن وصفهم البيان بعبقرية شديدة بأنهم "طارئين" على ساحة العلوم الشرعية والفتوى.



هذا البيان يؤكد أن أصحاب أقوال الفتنة، وإفتاءات الرضا السلطاني، وفتاوى العرش الرئاسي يقبلون دون حكمة، ويسارعون من غير موعظة حسنة، ويقاتلون بلا سند، ويفتحون كل الأبواب أمام اجتهاد الدماء وأحكام العنف وفقه شيوخ الاتحادية ومشايخ المقطم من الباحثين عن غنائم الولاية، وجواري الخلافة بوجوه عكرها جهاد المصالح، وألسن أجرتها سياسة ملتوية، وقلوب خاوية من سماحة الإسلام، وأيد توضأت بالخداع وأسبغته بالدم وأحسنت النية بتكفير الغير واستقامت بالأكاذيب وتظاهرت مكرا بالتكبير دون استغفار عن إرهاب، ولا توبة عن كبائر، وأطفأت نور القلوب، وتهيأت للجهاد تحت راية "الرئيس" تجردا، فردها الشارع تمردا، وبينها كلام الدين المعتدل فأظهر صدأ عورتها وعوارها ورد كيد طهارتها المزعومة في سلة المحظورات بميزان اعتدال الإسلام وسماحته. 

شيخ الأزهر لم يبدأ بيانه بالتجهيز لغزوة، ولا موقعة ضد الغير وإنما أكد على عقيدة المشيخة مكانا ومكانة بأنها تعمل دوما على جمعِ الكلمة، ونبذ الخلاف والفرقة التى توهن من قوتنا، وتذهب بريحنا، ثم ألقى بفتواه ضد من يخرجون المعارضين عن ملة الإسلام بأن هذا هو رأى الفرق المنحرفة عن الطريق الصحيح للإسلام، وأنه كلام يرفضه صحيح الدين ويأباه المسلمون جميعا، وأن فقهاء أهل السنة والجماعة يجمعون على انحرافه وضلاله، ثم حسم بأن العنف والخروج المسلح على ولي الأمر " الشرعي " معصية كبيرة ارتكبها الخوارج ضد الخلفاء الراشدين ولكنهم لم يكفروا ولم يخرجوا من الإسلام".

هذه هي روح الإسلام وسماحة أحكامه في وجه دعاوى التكفير التي يروج لها الماجدون الجدد، والحجازيون حديثو الفتوى، وأتباع ملة محمد عبد المقصود الذين يستندون فيما يفتون على صحيح السلطان وفقه السلطة وناسخ الرئاسة ومنسوخها ومسند " الشاطر" وسنن " البديع"،  وليتهم تركوا الباب مفتوحا للتراجع أو الكلمة الطيبة ولكنهم واصلوا حملاتهم نحو إرهاب شيخ الأزهر بمقاطع فيديو يلوون فيها عنق كلامه وحقيقة كلماته واتهامات وصلت إلى حد التقليل من الأزهر الذي تصدت أركانه ومآذنه لمحاولاتهم مصادرة منابره وتأميم سماحته واعتداله وطرد الطيب وكل طيب من ساحته بالوجبات الفاسدة تارة وبالافتراءات أخرى وبملاعيب شيحة الدستورية ثالثة.

وليت بعض المضحوك عليهم بفتاوى سياسية وإفتاءات جهادية يدركون أن علاقة العبد بربه ليست صكا يمنحه المجاهرون بالفتنة لمن يتبعهم إيمانا ولمن يعارضهم كفرا، وأن حلال ديننا بيّن وحرامه بيّن ومن يلقون بأنفسهم وسط المشتبهات لا مكان لهم بيننا وتفقد كلمتهم قيمتها.. فهم كما قال بيان شيخ الأزهر: من الفرق المنحرفة عن الطريق الصحيح للإسلام!

الجريدة الرسمية