رئيس التحرير
عصام كامل

الحق الشرعي في أحداث جارية


الشأن الداخلى المصرى، والخارجى العربى، فيما يتصل بالأحكام شرعية تكليفية من وجوب وندب وحرمة وكراهة وإباحة، تحتاج إلى ضبط وتثبت وعدم افتراء واجتراء عليها لأنها «حدود الله»، ومن ثم يجب فقه الدليل خاصة النصى من جهة طرق وروده من حيث القطعية: القرآن الكريم، السنة النبوية المتواترة، والظنية: الأحاديث المشهورة والآحاد، وطرق الدلالة من جهة القطعية والظنية، وعدم تحريف الكلم عن مواضعه والبعد عن التأويل الخاطئ والمغلوط.



إذا علم هذا:
أولًا: مسألة الخروج على الحاكم:
يجب التفرقة بين حاكم عادل يحكم بما أنزل الله - عز وجل - متوخيًا المصلحة العامة للدولة، ساهرًا على مصالحها، مستعينًا بعد الله - عز وجل - بالأكفاء والخبراء، ومشيرًا لأهل الحل والعقد، باذلًا جهوده في خدمة المجتمع ونفع الناس، محققًا الأمن العام للمجتمع، لا ينازع الأمر أهله.

هذا لا يخرج عليه، وإذا كان من قصور كطبع بنى البشر - عدا الأنبياء والرسل - عليهم السلام - فالنصح والوعظ بكل أدب، دون تشهير له، لحقه في «السمع والطاعة» وهو المراد من نصوص السمع والطاعة له، وعدم منازعته.

وحاكم ظالم، وثب على الحكم بغير المشروع، وفقد شروط الولاية المعتبرة المعتمدة، أو عرض سلامة الدولة لأخطار وأهمها سيادتها ومصالحها الكبرى، أو أقصى أهل الخبرة والصلاح، وركن إلى أهل السوء والفساد، فهذا لا طاعة ولا سمع له، ولا يعان يجب فيه حق جهاد «قول حق عند سلطان جائر»، «قل الحق ولا تخش في الله لومة ولائم» قال الإمام مالك بن أنس - رضى الله عنه: الحاكم الظالم لا يعان، دعه وما يراد منه، ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما «حاشية الدسوقى».

ثانيًا: مسألة حرية الرأى:
ومن صورها القول والتظاهر السلمى.. هذا حق مشروع أصل في الإسلام «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، «الدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم».

وقد أدى هذا الحق أخيار من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأبى ذر - رضى الله عنه - مع الخليفة عثمان - رضى الله عنه، وابن الزبير - رضى الله عنه - تجاه بنى أمية، ومن آل البيت - رضى الله عنهم - الإمام الحسين - رضى الله عنه - تجاه أحكام الظلم.

وهذا من أعلى درجات «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر».


حرية الرأى لا تعد خروجًا على الحاكم في حدود الآداب الشرعية.

ثالثًا: مسألة: تصدى ممالئين أومناوئين لحكام في جريمة «البغى»:

«أ» إذا بغت طائفة على الحاكم العدل الحق، فيجب على باقى الناس «الإصلاح» قال الله - عز وجل: « وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما»، «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بمعروف أو صدقة أو إصلاح بين الناس» فإن لم تستجب الطائفة الباغية الحاملة للسلاح، فتتولى مؤسسات الأمن «الشرطة والحرس الجمهورى مثلًا» فقط صدهم وهو المعنى «فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله» بقدر الضرورة وفى أضيق الحدود، «فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون» - سورة الحجرات.
أما تولى آحاد وعدام الناس التصدى بالقوة المسلحة للأخرى هما في جريمة البغى «سواء» قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: « إذا ألتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا يارسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصًا على قتل صاحبه».

من المقرر فقهًا: دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، إذا اجتمعت مفسدتان روعى ارتكاب أخفهما اتقاء لأشدهما.
وعليه يحرم الاعتداء المسلح بجميع صوره على متظاهرين سلميين، وإذا بدر منهم - أو من غيرهم - عدوان، فالأمر موكول لنظر الحاكم ومؤسساته المعنية بحفظ الأمن فقط.

رابعًا: مسألة: معاونة متقاتلين في بلد إسلامى:
لا يجوز بحال إعانة متقاتلين في بلد إسلامى لا بالسلاح «فيحرم بيع السلاح زمن الفتنة» ولا الخوض مع آخر ضد فريق مطلقًا، والواجب الشرعى:

أ- الإصلاح السلمى.

 ب - الاعتزال والحيادية.
قد فقه الكثير من سادتنا الصحابة - رضى الله عنهم - ذلك فـي وقائع مشهورة معروفة مثل معارك «الجمل، صفين، النهروان، كربلاء».
يجب عدم الخلط والتدليس والتلاعب بالأحكام الفقهية لمغانم الدنيا وحظوظها، أو لتوظيفها وتكريسها للأهواء الجامحة.

 

الجريدة الرسمية