مبارك كان أسهل بكتييير
السهولة النسبية التي تمت بها الإطاحة بالرئيس السابق مبارك، أغرت وتغري الكثيرين بأنه يمكن إزاحة مرسي والإخوان بذات السهولة، أو ربما بزيادة قليلة في المجهود وعدد الشهداء، ربما يتذكر القارئ الكريم الجملة الشهيرة التي كان يرددها "عاصري الليمون"، الذين انتخبوا مرسي وكانوا يرفضون "إعادة إنتاج النظام القديم"، فكانوا يقولون "انتخبنا مرسي عشان نعارضه ونشيله".
فلابد أن نعترف أنه كانت بالفعل سهولة نسبية في إجبار مبارك على التنحي، فبعد 18 يوماً من انتفاضة يناير كان من الممكن أن يصر الرئيس السابق على الاستمرار بأي ثمن، وإذا لم يسانده الجيش فعلى الأقل سوف يسانده بعض قادته وتشكيلاته، أضف إلى ذلك القطاعات صاحبة المصلحة في استمراره في الداخل سواء كانت من فئات اجتماعية أو قوة اقتصادية وقوى في الخارج ربما كانت ستسانده بكل قوتها، ومهما كانت هذه القوى الداخلية والخارجية قليلة فلا أحد يمكنه توقع ما كان سوف يحدث، لكنه في كل الأحوال كان سيكلف البلد ثمناً غالياً.
لكن الأمر مختلف مع مرسي، فهو ومهما كانت الاتهامات بتزوير الانتخابات الرئاسية، ومهما كانت التحفظات على حملة الرعب التي أشاعها التنظيم السري للإخوان، فهو في النهاية جاء عبر صناديق الانتخاب. هذا أولاً وثانياً أنه جاء من تنظيم سري عقائدي لا يمكن ولا يجب إقصاؤه عن المشهد السياسي، بمعنى أننا لا يجب أن نفكر في أنه لو حدث وتمت إزاحة هذا التنظيم السري الذي يحكم مصر وحلفائه، فسوف ندخلهم السجون ونقصيهم تماماً عن الحياة السياسية، بل ومن الوجود.
فهذا مستحيل عملياً، ومن ناحية أخرى إذا فعلنا ذلك فسوف نجر البلد إلى اضطرابات كبيرة وربما يكون بعضها مسلحاً، هذا لا يعني أن قوة الإخوان وحلفائهم من الإرهابيين كما يروجون هائلة وفظيعة. لكن يعني أنه مهما كانت قوتهم قليلة فسوف نجر البلد جراً إلى عدم استقرار أمني وسياسي.
بمعنى آخر، مرسي ليس مبارك ولا الحزب الوطني كان تياراً عقائدياً دينياً مثل الإخوان وحلفائهم.. ما معنى هذا؟
معناه أولاً أن المعركة الديمقراطية السلمية لإزاحة مرسي وتغيير المعادلة السياسية في البلد، سوف تأخد وقتاً أكثر بكثير مما يطرح الشباب الثوريون، ثانياً أنه ليس المهم فقط ازاحة الإخوان وحلفائهم بآليات ديمقراطية، ولكن الأهم هو أن نفكر كثيراً في الطريقة التي يتم بها التعامل معهم سياسياً، فالهدف ليس إقصاءهم ولا سجنهم ولا قتلهم ولكن الهدف هو بناء مصر الديمقراطية الحرة المدنية، أو بتعبير أكثر وضوحاً العلمانية. مصر التي يمكن أن يكون الإخوان وغيرهم جزءً منها على هذه الأرضية وليس على أرضية الدولة الدينية الفاشية.