"ونبى اتوحدوا"
أقصد قيادات جبهة الإنقاذ، فلم تعد هناك فرصة ولا وقت للاختلاف، فالتيار الإسلامى بكل تنويعاته يكاد يُكمل استيلاءه على البلد بكل مؤسساتها وقد كانت هناك فرصة تاريخية فى الانتخابات الرئاسية، فلو تم الاتفاق على مرشح رئاسى واحد لكان من الممكن أن يصل إلى القصر الرئاسى بدلاً من مرسى والتنظيم السرى للإخوان، ولكن التصورات المبالغ فيها لكل مرشح جعلتهم يتصورون بالخطأ أنهم على أبواب القصر.
السبب الثانى هى الأنانية الشديدة ورغبة كل منهم فى أن يأخذ التورتة الرئاسية وحده، ولم يتم تفعيل اقتراحات هامة منها مثلاً، رئيس بمجلس رئاسى من باقى المرشحين، كما لم يتم تفعيل أى مشروعات للتقريب وانتهى الأمر بوضع البلد بين خيارين، الأول ديكتاتورية بغطاء دينى يمثلها الإخوان والثانى ديكتاتورية بخلفية عسكرية يمثلها الفريق أحمد شفيق.
وصلنا الآن إلى لحظة مختلفة من التطور الديمقراطى، وربما أيضاً ما فعلوه كان طبيعياً أو للدقة مفهوماً، فهذا جزء من النضج الديمقراطى، لكن الآن اللحظة مختلفة فالخطأ الفادح الذى وقعت فيه قيادات المعارضة دفعت البلد ثمنه غالياً. فقد تم الاستيلاء على الدستور وتحطيم استقلال القضاء، ويتم الاستيلاء تدريجياً على مؤسسات الدولة..الخ. وقبل كل هذا وبعده سالت دماء للمصريين فى الشوارع بعد تولى مرسى الرئاسة.
أضف إلى ذلك، أن البلد فى مفترق طرق، فإذا استولى أنصار التيار الدينى على مجلس الشعب فهذا معناه أن وضع أسس مشروع الدولة الدينية كاد يصل إلى نهايته، ومعناه أن مصر دخلت نفقاً مظلماً لن تخرج منه قبل سنوات طويلة، وسيكون نفقاً مخلوطاً بدماء السياسيين والصحفيين والإعلاميين وباقى المصريين.