رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا تبحث عن خروج "آمن" من المستنقع الأفغاني.. مكتب طالبان في قطر يفتح الباب لانخراط الحركة في العمل السياسي.. تحركات من واشنطن لترويض طالبان بالحوار المباشر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اهتمام دولي كبير بفتح حركة طالبان الأفغانية مكتبا لها في العاصمة القطرية الدوحة، وسط حديث عن رعاية قطر لحوار بين طالبان والولايات المتحدة.


وكان مسئولون أمريكيون قد أكدوا أن الولايات المتحدة ستلتقي ممثلين من طالبان في الدوحة، في مباحثات تهدف في المقام الأول إلى تحقيق السلام في أفغانستان.

ويرى الباحث مصطفى زهران الخبير في شئون الحركات الإسلامية، بمركز"ستا" للأبحاث، أن التحركات التي تجرى في العاصمة القطرية الدوحة، لإجراء محادثات مباشرة، هي الأبرز والأقوى من نوعها مع حركة طالبان الأفغانية بمباركة أمريكية ووساطة قطرية وترقب حكومي أفغاني ممثلا في السلطة برئاسة كرزاي.

وأكد زهران في تصريحات خاصة أن التحركات التي جاءت بعد ساعات من فتح مكتب للحركة في العاصمة القطرية، تعكس العديد من النقاط الجديرة بالتأمل، والدراسة، فالولايات المتحدة، وفقا لرؤيته، تبحث عن خروجين "آمن وشريف" في آن واحد من المستنقع الأفغانى الذي تكبدت فيه خسائر فادحة لأكثر من اثني عشر عاما، لكن عبر ضمانات لن تكفلها المحادثات المباشرة وجها لوجه بينها وبين الخصم الشرس والأكثر تشددا معها والذي ينظر إليها على كونها مستعمرا ومحتلا إلا عبر وساطة وهو الدور الذي تقوم به قطر في الوقت الراهن.

وأشار زهران إلى أن افتتاح مكتب للحركة في قطر هو بداية حقيقية ونقلة نوعية لم يكن منطلقها داخل أي من الحركة ذاتها وإنما من خارجها عبر أطراف عربية وغربية والتي تأتى كمحاولة لترويض "طالبان" الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه أكثر مما خسروه في معركتهم التي يعتبرونها طهرانية ومقدسة في مواجهة الغرب الكافر، والتي من الممكن أن تظل عقودا وعقودا على هذه الحالة والشاكلة والصراع القائم.

وأوضح زهران أن من بين المحددات التي لابد من الاهتمام بدراستها في حالة طالبان، أن الجانب الأمريكى يعي فساد النظام الأفغانى الحالى في السلطة الممثلة في حاتم كرزاى وحاشيته وتعلم جيدا أن خطر بقاء كرزاى بهذه الشاكلة يمهد لعودة طالبان مرة أخرى إلى صدارة المشهد الافغانى خاصة بعد التمهيدات القائمة لرحيل القوات الاجنبية عن افغانستان التي انهكت واصبح الحديث عن بقائها استنزافا قائما لم يعد يجدى نفعا فضلا عن النداءات الحزبية والسياسية الداخلية في الولايات المتحدة الامريكية وعدد من الدول المشاركة في حلف شمال الاطلسي "ناتو" والتي تنادي صباح مساء بضرورة عودة جنودها من المستنقع الافغانى.

ونظرا لهذه المحددات، فإن الغرب بقيادة أمريكا يسعى إلى الوصول بتفاهمات بين السلطة الحالية بقيادة كرزاى وحكومته وبين "طالبان" على الرغم من النظرة القائمة للطالبانيين لكرزاى بأنه رجل أمريكا في أفغانستان أو "دميته "كما يشتهر بذلك، والتي ظهرت جلية بدعوة كرزاى الدائمة خاصة في الثلاثة أعوام الأخيرة. في أكثر من محفل ومناسبة وطنية وغيرها "طالبان" بوقف الصراع والدخول في هدنة طويلة الامد والتعويل على المصالحة الوطنية فضلا عن المجلس الوليد الذي سمى بـ "مجلس السلام الذي شكله عام 2010 م "بهدف فتح قنوات اتصال مع الحركة والتي دائما ما تنظر إليها طالبان على انها فقاعات لا تلبث أن تختفي في الهواء على حد وصف الملا عمر الزعيم الروحى والقائد الفعلى لحركة طالبان الافغانية.

ويضيف زهران: "ربما يدفعنا التكهن بأنه في حال تدفق الطالبانيين نحو السلطة ومشاركتهم في الحكم يدفعهم نحو مزيد من التحولات في الممارسة والفعل والسلوك بأشكال مختلفة عن الماضى البعيد والقريب حينما كانوا في السلطة قبل الغزو الامريكى واثناءه، لذلك لابد من النظر بعين مختلفة لطالبان اليوم عن الأمس وهو ما تؤكده تصريحات ممثل الحركة في الدوحة الاخيرة محمد نعيم في الرغبة الحثيثة نحو بناء علاقات جيدة مع الدول المجاورة بالتوازى مع ايجاد حل سياسي للحرب المستمرة وتشكيل حكومة أسماها بـ"العادلة ".

وأكد زهران أن "امكانية نجاح المحادثات مع طالبان أو فشلها يظل مرهونا بحجم قبول أو رفض الحركة للوجود القاعدى في افغانستان، ولكنه يدفع إلى التكهن بأن مقتل بن لادن أزال الكثير من الزخم الذي كان للقاعدة في افغانستان وعلى الرغم من بروز الرجل الثانى القيادى المصري الجهادى دكتور أيمن الظواهرى، إلا أن المتأمل للمشهد القاعدى في الآونة الاخيرة وخاصة بعد ثورات الربيع العربي يجد الانقسام والتنافس على المسميات والزعامات سمة المشهد الجهادى في أراضي الجهاد الاولى سواء أكان ذلك في أفغانستان أو باكستان أو العراق ويتضح شيئا فشيئا عدم وجود التأثير القوى للرجل الثانى على التنظيمات الجهادية غير المنظمة في العالم كما كان الحال مع الراحل أسامة بن لادن".

ويشير إلى أن كل ذلك يستدعى محاولة التنبؤ بأن طالبان ربما تعيد النظر في المرحلة القادمة خاصة مع قرب رحيل القوى الغربية والانسحاب الأمريكى من أفغانستان في علاقتها مع القاعدة ربما ما يدفعنا إلى استشعار مزيد من الامل وبريق من التفاؤل في المرحلة القادة في بداية اتساع الفجوة بين الطالبانيين من جهة والقاعدة من جهة أخرى.

ويؤكد أنه يبقى "تحد أصيل ومهم ولا يمكن القفز عليه في نجاح تلك المحادثات وهو موقف التيارات الإسلامية في افغانستان من مستقبل العلاقة بينها وبين الطالبانيين خاصة شبكة حقانى وأتباعه، وهو الأمر الذي أكده قائد القوات الامريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في افغانستان الجنرال جوزيف دانفورد.. خاصة أنها بدت أكثر تمسكا وثباتا وفي تنام مستمر وتنتهج ايديولوجيا مغايرة لما بدت عليها طالبان والقاعدة ونشطت في السنوات الاخيرة وتدعمها خلايا قائمة في باكستان، ويبقى موقف حكم تيار وجماعته من المصالحة المرتقبة ذا أهمية بالغة ولا يمكن القفز عليه".
الجريدة الرسمية