رئيس التحرير
عصام كامل

الشفافية في زمن الإخوان


عُرّف مفهوم الشفافية بصورة عامة، من خلال خبرات الحكومات المتقدمة المختلفة التي تواردت على مر الأزمنة والعصور، بأنه ذلك المبدأ الذي يقوم على أساس العلانية في تقديم البيانات والمعلومات المتعلقة بمجريات الأعمال الحكومية في مختلف النواحي إلى الشعب، من خلال الوسائل الرقابية، وحُكم هذا المبدأ بعدة استثناءات، تتمثل أهمها في المعلومات المتعلقة بقضايا الأمن القومي، وذلك باعتبارها معلومات سرية، لا يجوز أن يطلع عليها أحد إلا بعد إتمام وإنجاز الملفات الخاصة بها.


وظل هذا التعريف لمفهوم الشفافية هو المتداول والمعروف، وتحاول الحكومات المتقدمة أن تطبقه كأحد المؤشرات المهمة لوصفها بالديمقراطية، إلى أن جاء زمن الإخوان وانقلب المفهوم، حيث عكست حكومة الإخوان تعريف مفهوم الشفافية تماما، وعرفته بأنه ذلك المبدأ الذي يقوم على أساس العلانية والوضوح في تقديم المعلومات المتعلقة بقضايا الأمن القومي ليس لشعبها فقط بل لكل شعوب العالم، من خلال أهم وسيلة رقابية وهي الإعلام، مقابل غياب وحجب المعلومات المتعلقة بالمسائل العادية الداخلية الخاصة بالشعب، والتي لابد من إتاحتها وتقديمها إليه باعتباره صاحب الشأن الأول.

فأصبح في زمن الإخوان لدينا حواران الأول من المفترض أنه سري ويتعلق بملفات الأمن القومي، إلا أنه يذاع على الهواء مباشرة، ويشاهده العالم بأكمله، والثاني من الفترض أنه علني ويتعلق بحياة الشعب، لكنه لا يذاع إلا في الغرف السرية، ولا يعلم الشعب شيئا عنه.

وبناء عليه أصبح هناك العديد من الأسئلة التي تدور في أذهان الشعب المصري، ولا يجد لها أي إجابة، فبات كل مواطن يردد كل يوم: من الذي قتل جنودنا في رفح؟ وإلى أين توصلت نتائج التحقيقات؟ ومن الذي اختطف الجنود السبعة؟ وكيف تم تحريرهم؟ ومن الذي قتل أكثر من خمسين مواطنا في بورسعيد؟ وما نتيجة التحقيقات التي أعلن الرئيس بنفسه عن البدء فيها؟ وما نتيجة التحقيقات في قضية سحل المواطن حمادة صابر أمام قصر الاتحادية؟وهل تمت معاقبة من سحله كما وعد وزير الداخلية وقتها؟ وما أسباب أزمة الكهرباء والمياه والوقود الحالية؟ وأين هي الخطة التي من المفترض أن تعلنها الحكومة أمام شعبها لمواجهة هذه الأزمات؟ وأخيرا وليس آخرا ما تفاصيل المؤامرة التي أعلن الرئيس أنها تساق ضده واتخذ بسببها قرارات استثنائية مشئومة، قسم بها شعبه، وأراق من أجلها دماءه؟

وغيرها الكثير والكثير من الأسئلة التي جعلت الشعب حائرا تائها لا لشىء إلا لأن لديه رئيسا انتظره كثيرا لكي يجاوبه عن هذه الأسئلة، وفي النهاية خرج عليه بكل ثقة وغرور ليقول له: "إني أرى ما لا تراه أنت"، ضاربا بعبارته هذه مبدأ الشفافية عرض الحائط، وكأنه يقول له سأفعل ما أراه ولا عليك إلا أن تقول سمعا وطاعة.
Nour_rashwan@hotmail.com
الجريدة الرسمية