رئيس التحرير
عصام كامل

حلم الخلاص


"الحلم" كلمة ساحرة وتأثيرها كبير على  قلب كل مصري، هي ضاربة في أعماقنا ولها جذور تعود إلى أزمان سحيقة ومتوغلة في القدم، تظهر لفترات وتختفي لفترات أخرى ولكنها أبدا لن تنتهي، فالمصريون منذ فجر التاريخ أقوياء حالمين وعند الغروب تجدهم يتأملون مصدر الحياة ( الشمس ) وهي تودع أرض النيل على وعد أن تعود في صباح اليوم التالي، ولم يخزلنا أتون العظيم أبدا فهو دائماً يعود ومعه يعود الأمل ويبعث الرجاء في غد الخلاص من القاهر والطاغي ومن يد الغدر الملعونة.


وتقول الأسطورة: إن الفرعون المصري العظيم "أحمس" كان جالسا يوما أمام تمثال أبو الهول متأملاً في وجهه ثم ذهب في نوم عميق فأتاه أبو الهول في الحلم وأمره أن يخلصه من كم الرمال المتراكم عليه والذي كاد أن يخنقه ويذهب به إلى أعماق التراب، في مقابل أن يدعمه بقوته الأسطورية ويساعده على تخليص مصر من شبح "الهكسوس" الذين كانوا يقبضون بوحشية على عنق مصر - ذلك الكابوس الرهيب الطابق على قلب كل مصري- ...

فاستيقظ أحمس واستيقظ في داخله واقع الحلم الذهبي وبالفعل قام بإزالة الركام والتراب عن جسد أبو الهول فظهر قوام الأسد ذو رأس الإنسان الشامخ، وهنا انفتحت أمامه أطباق السماء وتحقق الحلم الخالد وانتصر أحمس وتم تطرد الهكسوس من مصر إلى الأبد، وتربع أحمس فوق عرش مصر الحرة مخلداً في ذاكرة الأمة إلى يومنا هذا والحجر القائم اليوم بين أيدي أبو الهول يحكي هذه القصة، وهي ليست خاصة بأحمس وحده بل هي كامنة في أعماق قلوبنا جميعا، الرغبة في رجاء الخلاص وأمل التطهير يصرخ في أعماقنا ويدوي صداه في سماوات الحرية، مصر لا تلفظ أبناءها ولكنها تكره من يريد أن يغير في ملامح وجهها ويكسوها برداء التجبر والتخلف دافعا بها إلى هاوية العصور الوسطى.

ولكن هيهات فمصر تحكم ولا يُحكم عليها، مصر باقية بقاء الدهر ولا من بشر حاول أن يتطاول على هيبتها وعزتها الحضارية إلا وسقط في قاع الهاوية وتبخر في سماء النسيان الأبدي، ومن ذمة التاريخ طرد ومن حساباته هوى، وأعتقد أن الرسالة أصبحت واضحة فحلم الفرعون لن يموت بل هو حي في داخلنا،  وحلم أحمس يتكرر في كل جيل يرافقه همس أبو الهول، لن تصمدوا أمام الآتي إليكم في الأيام القادمة، استمعوا إلى الإنسان الذي بداخلكم، إلى الضمير المصري الفريد، فهو فقط من سينجيكم من غضب أم الدنيا.

الجريدة الرسمية