رئيس التحرير
عصام كامل

مصحح لغة

المترو-صورة أرشيفية
المترو-صورة أرشيفية

مطبخ الصحافة يعج بكثير من المهن التي يظل اسم صاحبها متواريا خلف اسم المحرر الذي يظهر اسمه على الخبر الصحفي.. ومن هذه المهن محررو الصياغة «الديسك» ومحررو اللغة «مصحح»، وغيرهم من عمال الجمع والتنفيذ، ولا يربطهم سوى أنهم يعملون في جودة الخبر الصحفي الذي قد يأتي كالفسيخ، وعلى أيديهم يتحول إلى شربات إلى أن يأذن الله ويصبح أحد عمال هذا المطبخ من الكتاب المشاهير -إذا كان يهوى الكتابة- وحتى يحين هذا الأوان فكلنا يدعو: «ربنا يتوب علينا من الخدمة في البيوت».

وبصفتي واحدا من هذا المطبخ «مصحح لغة» سأروي طرائف أخطاء الصحافة المصرية لأبين عظم عملنا -غرور بقى- وفداحة الكوارث التي ممكن أن تحدث -دا لو استغنوا عننا يعني- وممكن الخبر يطلع إزاي من غيرنا.. يروى أن الكاتب الراحل أنطوان الجميل رئيس تحرير جريدة الأهرام في بدايات القرن الماضي وصل إليه نعي أحد الأشخاص لينشر في صفحة الوفيات، لكن يبدو أن النعي وصله متأخرا، فكتب أنطون لعمال الجمع أسفل النعي «ينشر إن كان له مكان»، أي ينشر إذا كان له مكان في صفحة الوفيات، لكن النعي ظهر في صفحة الوفيات في اليوم التالي هكذا «فلان الفلاني... أسكنه الله فسيح جناته إن كان له مكان».
نشرت إحدى الجرائد المصرية خبرا في نهاية السبعينات عن وزيرة الشئون الاجتماعية، كان نصه «حكمت أبوزيد تتبول في كفر الشيخ» والصحيح «تتجول».
أيضا نشرت جريدة الأهرام خبرا وكان نصه يقول «الأهرام تثني على عمة الشيخ الخضري الكبيرة»، والصحيح «همة الشيخ» وهو ما أثار ثائرته، الطريف في الأمر أن الشيخ الخضري كانت يملك «عمة» كبيرة بالفعل.
وخبر ثالث كان يقول «عورة وزير الأوقاف» والصحيح هو «عودة».
ومن أشهر الأخطاء المطبعية على مر التاريخ بصحيفة الأخبار الخطأ المطبعي الفادح أدى إلى مصادرة الصحيفة في ذلك اليوم، بل ومحاصرتها بقوات الأمن.. وترجع خلفية هذا الخطأ إلى انشغال الرأى العام المصري بقضية السفاح محمود أمين سليمان إلى أن قرر عبد الناصر السفر إلى باكستان وقتل السفاح في نفس يوم سفر عبد الناصر، فكتبت الأخبار على صفحتها الأولى جملة مصرع السفاح وتحتها كتب بنفس الخط عبد الناصر في باكستان ونسى سكرتير التحرير الخط الفاصل بين العنوانين فبدت للقارئ وكأنها جملة واحدة.. مصرع السفاح عبد الناصر في باكستان.
ولم يسلم المشير من الأخطاء المطبعية، فقد نشر خبر مفاده: المشير عامر انتقل بعد المناورة إلى تل أبيب.. والتصحيح يقول: المشير عامر انتقل بعد المناورة إلى تل قريب.. ولكن أعداد الصحيفة صودرت كلها.
ومن نصيب السادات أيضا خطأ مطبعي وقع في إحدى الصحف المصرية، وكان: أصدر الرئيس العاشق الولهان.. ووقع الخبر نتيجة خطأ دمج بين عنوان سياسي وعنوان أدبي.
وخطأ آخر من نصيب السادات، ففي زيارة له للبنان أجريت معه مقابلة لإحدى الصحف، وجاء في العنوان: الرئيس المدمن يتضاءل بالبيض المحلي.. وكان الخطأ فادحًا.. فقد كان العنوان الصحيح: الرئيس المؤمن يتفاءل بالبيض المحلي.

من الأخطاء التي وقعت فيها الصحافة السودانية خطأ بشع وقع في حق المخرج شكر الله خلف الله، عندما قامت صحيفة قووون بحوار معه وجاء على لسانه "شكر الله خلف الله يعشق النيل والليل"، وقد تم استبدال الحرف الأخير في كلمة النيل بحرف تعرفونه جيدًا ليتغير معنى الجملة تمامًا.
الجريدة الرسمية