رئيس التحرير
عصام كامل

حكم تاريخى.. مر مرور الكرام..!!


لا أدرى.. لماذا مر حكم محكمة جنايات القاهرة التاريخى والمهم في قضية التمويل الأجبنى لمنظمات المجتمع المدنى - مرور الكرام.

لم ينتبه أحد لحيثيات الحكم ربما لانشغالنا جميعًا بيوم ٣٠ يونيو، الذي سوف يحدد مستقبل مصر السياسي إما نكون أو لا نكون. لقد قالت المحكمة في حيثياتها برئاسة القاضى الجليل مكرم عواد، إن التمويل شكل من أشكال السيطرة والهيمنة الجديدة ويعد استعمارًا ناعمًا أقل كلفة من حيث الخسائر والمقاومة من السلاح العسكري تنتهجه الدول المانحة لزعزعة أمن واستقرار الدول المستقلة التي يراد إضعافها وتفكيكها.. وقالت ما قالت.. إلى أن انتهت إلى أنه لا يُتصور عقلا ومنطقًا بأن لأمريكا أو لغيرها من الدول الداعمة للكيان الصهيونى أي مصلحة أو رغبة صادقة في قيام ديمقراطية حقيقية في مصر فالواقع والتاريخ يؤكدان أن تلك الدول لديها عقيدة راسخة بأن مصالحها تتحقق بسهولة ويسر مع الديكتاتوريات ويلحقها الضرر مع الديمقراطيات الحقيقية.

وإن الحقيقة الأخرى أن من يدفع المال فهو يدفع وفق أجندته الخاصة التي حددها ويريد تحقيقها والحقيقة الثالثة في أن التمويل الأجنبى للمنظمات غير الحكومية يمثل حجر عثرة أمام مصر التي يريدها شعبها، ولكن في الوقت ذاته يمهد الطريق أمام مصر التي يريدها أعداؤها.

وأهابت المحكمة أيضا الجهات المعنية بتشجيع الجمعيات الأهلية وجمعيات حقوق الإنسان التي لا تبغى سوق الحق والارتقاء بصرح الديمقراطية في المجتمع بوعى ونية خالصة وأن يتم تمويلها من الداخل حتى لا تحوم حولها الشبهات.

حكم بهذه الأهمية.. كيف يفوت على إعلامنا دون أن يعطيه المساحة اللازمة لإبرازه فهو في المقام الأول مرتبط بالأمن القومى واستقلال مصر.. وكان يستحق أن يكون المانشيت الرئيسى لكل صحفنا والموضوع الأبرز في برامج الفضائيات التي تصدعنا كل ليلة عن موضوعات تافهة!!؟

لقد فضح الحكم أمريكا التي تزعم أنها الراعى الرسمى لحقوق الإنسان والديمقراطية في العالم وهو زعم تبددت مصداقيته على صخرة ازدواجية المعايير فحين تفجرت أزمة منظمات المجتمع المدنى الممولة من أمريكا في مصر والتي ارتكبت بعض مخالفات قانونية استدعت إحالة ملفها إلى القضاء المصرى بالمخالفة لكل الأعراف الدولية وهو ما يجعلنا نتساءل: هل تأمر أمريكا غيرها بالبر وتنسى نفسها.. ثم أين حقوق الإنسان في التعدى على سيادة مصر وصورة مصر في الخارج والإضرار بمصالحها وتعريض سلمها الاجتماعى للخطر..؟!

المدهش أن أمريكا لم تكتف بالمطالبة بوقف إحالة العاملين في تلك المنظمات المخالفة للقانون إلى القضاء ليفصل في القضية.. بل هددت أمريكا ومعها الكونجرس بقطع ما تقدمه من معونات لمصر إذا لم تتراجع عن السير قدمًا في إجراءات التحقيق والمحاكمة القانونية المنصفة لتلك المنظمات حفاظًا على الأمن القومى المصرى الذي يحاول البعض - ومازال - العبث به بعد قيام ثورة يناير.

هذا التهديد الأمريكى - تكرر للأسف - بعد حكم محكمة جنايات القاهرة في هذه القضية بالسجن ما بين سنة وخمس سنوات مع الغرامة رغم أن جميع المتهمين سافروا إلى الخارج وهو ما يدعو إلى الحيرة.

السؤال هل تسمح أمريكا لأى منظمات أجنبية ممولة خارجيًا بالعمل في أراضيها بالمخالفة للقانون الأمريكى وضد مصالحها..؟!
ماذا كان سيكون رد الزعيم الخالد عبد الناصر لو كان هذا حدث في عهده.. وهو الذي قال على الملأ، لا نقبل معونة أمريكا - وقتها كانت ٥٠ مليون جنيه مصرى - ونرفضها إذا كانت تأخذها «ذريعة» للتدخل في شئوننا واستقلال قرارنا.

وأخيرًا.. هل من مصلحة أمريكا أن تصبح بلادنا أكثر ديمقراطية وتمدينا أو تتحسن بها حالة حقوق الإنسان والحريات.. وهل لأمريكا مصلحة في نجاح ثورة يناير المصرية.. وأترك لكم الإجابة.
Alihashem@eltahrir.Net
الجريدة الرسمية