رئيس التحرير
عصام كامل

خائف على تمرد


غاظتني المقابلة التي تمت بين الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي ومجموعة من قيادات تمرد.. فالحقيقة أن هذه الحركة دليل على فشلهما، بل وفشل كل الأحزاب والقوى السياسية.. فهذه الحركة جاءت من خارج هذه المسارات السياسية، ومتجاوزة أطروحاتها وأفكارها، بما فيها طبعاً جبهة الإنقاذ.. فلو كانت هذه القوى قادرة على مواكبة هؤلاء الشباب واستطاعت أن تمنحهم ما يستحقون داخل الأحزاب وجبهة الإنقاذ، كان من الممكن بل والطبيعي أن يكونوا جزءًاً منها ويدفعون هذه الكيانات إلى الأمام.


دعني أقول أيضاً إن حركة تمرد مع إعجابي الشديد بها، ومع أنني وقعت على استمارتها، إلا أنها من الصعب أن تكون حركة تراكمية ذات نفس طويل، ليس بسبب عيب فيها، ولا بسبب عيب في قادتها، ولكن لأنها بحكم طبيعتها وشعاراتها أقرب إلى انتفاضة تعيد من جديد فتح المسارات السياسية للتغيير بعد أن سدها التنظيم السري للإخوان وحلفاؤه.

ليس هذا فقط ولكن في الحقيقة هي تعبير أيضاً عن عدم قدرة الأحزاب والقوى السياسية على أن يكون لها أقدام على الأرض في كل شارع وفي كل حارة.. أي تستطيع تنظيم طاقة الغضب المتناثرة هنا وهناك في طريق ومسار يؤدي إلى تحقيق هدف سياسي أو للدقة مشروع سياسي للبلد.

لماذا لم تستطع تحقيق ذلك؟
لأن قادتها أقل بكثير مما تريده الجماهير الغاضبة .. فهم ومع كامل الاحترام لشخوصهم، واقعون في فخ الحسابات الضيقة.. هذا من جانب والثاني أنهم ما زالوا أسرى المفاهيم والآليات القديمة.. كما أنهم ومع كامل الاحترام لهم ولنضالاتهم ضد الاستبداد، لم ينجحوا في عهد مبارك وما سبقه في بناء مؤسسات حزبية ديمقراطية قوية قادرة على النمو والتطور والمواجهة.. فلم يقدموا نموذجاً إبداعياً يمكننا أن نسير وراءه..  لذلك كان أمراً عادياً أن تنتشر الانشقاقات والتراخي والفشل الذريع.. لذلك جاءت انتفاضة يناير العظيمة من خارج أطرهم البالية.

الحقيقة أيضاً أنهم عندما "ركبوا" على انتفاضة يناير لم يقدموا إنجازا سياسياً قادراً على الاستمرار والمواجهة وأن يتحول إلى قوى جماهيرية على الأرض.. فغرقوا في الشخصانية والزعامات الفارغة وكل أمراضهم الشخصية والسياسية قبل يناير.

لذلك ما أتمناه من قادة حركة تمرد ألا يسمحوا لهم بأن "يركبوا" هذا الجهد النبيل والعظيم ويفشلوه.. لا أريد بصراحة أن يكون رئيس الجمهورية القادم ولا الوزراء ولا السياسيين المؤثرين منهم.. ليست هناك مشكلة في التنسيق معهم، ليست هناك مشكلة في الترحيب بدعمهم، لكن دون السماح لهم بأن يجنوا ثمار ما لم يتعبوا في زرعه، ويفسدون علينا وعلى البلد تحقيق أحلام انتفاضة يناير العظيمة.
الجريدة الرسمية