حكم الشرع في اختيار نوع الجنين
يعانى أهل زوجي من مرض وراثي يحمل جينه الإناث دون أن يصبن به، في حين أن الذكور إما أن يكونوا مصابين به أو لا، وغير المصاب من الذكور لا يورث المرض، فما حكم الشرع في التدخل طبيا في اختيار نوع الجنين ذكرًا أو أنثى؟
أجابت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن حكم الشرع في اختيار نوع الجنين بالآتى:
تحديد نوع الجنين له طرق مختلفة، منها ما يتعلق بتنظيم أوقات الجماع قبل التبييض أو أثناءه، ومنها ما يتعلق بتغيير طبيعة الوسط المهبلي من حمضي إلى قاعدي وبالعكس، ومنها ما يتعلق بنوع الغذاء، ومنها ما يكون بالتدخل الطبي الذي يقوم بفصل الحيوانات المنوية الحاملة لصفة الذكورة عن الحاملة لصفة الأنوثة، وهو ما يعرف بغربلة الحيوانات المنوية، أو القيام بفصل الحيوانات المنوية اعتمادًا على المادة الوراثية (DNA).
اقرأ أيضا: حكم الشرع فى أخذ الزوجة من مال زوجها
وجميع هذه الطرق ينظر إليها باعتبارين مختلفين:
الأول: هو المستوى الفردي.
والثاني: هو المستوى الجماعي.
فإذا نظرنا لها على المستوى الفردي قلنا: إن الأصل فيها الجواز، بناء على أن الأصل في الأشياء الإباحة، وما يفعله الإنسان في ذلك لا يخرج عن دائرة الأسباب، والمؤثر على الحقيقة هو الله تعالى، ويتأكد هذا الجواز لو كان اللجوء لاختيار جنس الجنين له سبب وجيه، كتجنب الإصابة ببعض الأمراض التي يمكن أن تتلافى عن طريق اختيار النوع غير الحامل لجينات المرض ذكرا كان أو أنثى، وكذلك إذا كان دافع اختيار جنس الجنين هو تلبية حاجة معتبرة عند الزوجين، كاشتياقهما أو أحدهما إلى ذكر ولم ينجبا إلا إناثا، أو نحو ذلك من الاعتبارات المشروعة.
مع التنبيه على أن ذلك مشروط بألا يكون في التقنية المستخدمة في ذلك ما يضر بالمولود في قابل أيامه، وهذا مرده لأهل الاختصاص، فلا يقبل أن يكون الإنسان محلا للتجارب ومحطا للتلاعب.
اقرأ أيضا: حكم الشرع في ظهور الشعر تحت الطرحة
أما إذا نظرنا لها وعالجناها على المستوى الجماعي، حيث لم يعد هذا الأمر سلوكا فرديا، بل صار توجها عاما نحو إنجاب جنس معين، فالأمر حينئذ يختلف، ويفتى بمنعه، لإمكانية تسببه في الإخلال بالتوازن الطبيعي، واضطراب التعادل العددي بين الذكور والإناث الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري.
فعلم بهذا أن هناك فارقا في الحكم بين تحديد نوع الجنين على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي، والفتوى تختلف باختلاف تعلق الحكم بالفرد وتعلقه بالأمة، وهذه التفرقة شائعة في الفقه الإسلامي، ولها نظائر، منها: ما ذكره الفقهاء من أنه لو امتنع أهل بلدة عن أداء سنة الفجر أو الأذان فإنهم يقاتلون، مع أن ترك ذلك جائز على المستوى الفردي الشخصي.
والله تعالى أعلم.