رئيس التحرير
عصام كامل

بعد 7 سنوات من الفرقة.. الانقسام الفلسطيني يتحول إلى انفصال.. خبراء يتهمون قادة "فتح" و"حماس" بالسير في "الاتجاه المعاكس" ويؤكدون: المصالحة بين الحركتين "لفظية".. والشعب الفلسطيني هو الضحية

فيتو

بعد حلقاتٍ متتابعة من مسلسل "الغزل" الفلسطيني الذي يبثّ على القنوات الإخبارية من غرف "المصالحة" في القاهرة، ناشرًا الأحاديث "المعسولة" التي تدور بين القياديين الفلسطينيين من حركتي فتح وحماس "المنقسمتين".. يبرع ذات القياديين في قيادة برامج "الاتجاه المعاكس" بـ"جدارة" ليبدأوا جولات المشاكسات السياسية والفلتان "اللفظيّ".


"ست" سنوات مضت على الانقسام الفلسطيني.. وقد دخل اليوم عامه "السابع" بشكل يزداد فيه المشهد "حدّةً"، إذ حذّر محللون سياسيون فلسطينيون من خطورة الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يخضع له قطاع غزة بعد مرور (7) سنوات من الفرقة.

وبدت نبرات المحللين متشائمة حول رؤيتهم للسنوات القادمة والتي سيعيشها قطاع غزة في ظل تزايد وتيرة "الانقسام"، موضحين أن "الانقسام" أصبح جزءًا من المنظومة الفلسطينية السياسية والحياتية، بشكل يزيد من "أوجاعهم"، كما أطلقوا عليه اسم "الانفصال" الفلسطيني.

واستبعد المحللون وجود نيّة لدى حركتي فتح وحماس لإتمام اتفاقية المصالحة الفلسطينية في المستقبل القريب، مؤكدين أنه في حال توصلت الحركتان إلى "الوحدة" فإنها وحدة "هشّة" وضعيفة "لن تدوم لفترات طويلة".

وتولد الانقسام الفلسطيني بعد اشتباكات مسلحة دامية بين حركة حماس وفتح على أرض قطاع غزة في منتصف يونيو 2007.

وانتهت الأحداث بسيطرة حركة حماس على القطاع، وفي رام الله أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس إقالة حكومة إسماعيل هنية، وكلف سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة، واستمرت الأمور بحكومتين واحدة في الضفة وأخرى في غزة.

وبعد صمت لأكثر من عامين وتحديدا في أوائل 2009 وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، أعدت القاهرة ما عرف حينها بـ"الورقة المصرية" لإنهاء الانقسام.

وما بين العواصم العربية وجولات الحوار لم تفلح حركتا فتح وحماس في إنهاء الانقسام في حين لم تتوقف الاتهامات والتراشقات الإعلامية بين الحركتين.

وقال المحلل السياسي هاني البسوس، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة، لمراسلة وكالة "الأناضول" للأنباء:" الانقسام الفلسطيني أصبح مُجسِّدًا لواقع جغرافي جديد".

وأضاف: "غزة أصبحت منفصلة تماما عن باقي أجزاء فلسطين، كما تنفصل الضفة الغربية عن القطاع وعن أجزائها الداخلية، حيث بدأ الاحتلال سياساته التي تتماشى مع الانقسام وقطّع أجزاء فلسطين وفصل القطاع عن ضفّته".

وتقوم إسرائيل بفصل المدن والفلسطينية عن بعضها في الضفة الغربية، بعد أن "أتقن" الانقسام الداخلي فصل الضفة عن القطاع، وبحسب خبراء إن هذه الإجراءات الإسرائيلية تضعف من النظام السياسي الفلسطيني.

وأوضح البسوس أن الانقسام الفلسطيني–الفلسطيني بات جزءا من حياة الفلسطينيين والفصائل المختلفة، وجزءا من المنظومة الفلسطينية ككل، حيث أضحى من الصعوبة التحدث عن "مصالحة" أو "وحدة" وطنية.

وعن إمكانية تطبيق اتفاقية المصالحة الفلسطينية، قال البسوس: "أسباب الانقسام ما زالت قائمة، هناك اختلافات في البرامج السياسية لكل حزب، واختلافات في الفكر السياسي، وفي ظل هذه الاختلافات فإن إمكانية تطبيق المصالحة هشة وضعيفة".

ويسود الخلاف بين حركتي فتح، وحماس، من حيث المرجعيات الأيدولوجية (علمانية- إسلامية)، والنهج المتبع لحل القضية الفلسطينية (المفاوضات وعملية السلام- المقاومة المسلحة) منذ قرابة ربع قرن، لكنه انعكس على الأرض فعليا عقب فوز حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي في يناير 2006.

وحول واقع العلاقات الاجتماعية في غزة بعد سبع سنوات من الانقسام..علّق البسوس قائلًا:" بعد 7 سنوات من الخلاف، بدأت العلاقات الاجتماعية تأخذ منحى جديدا، وعادت العلاقات بين الأسر المنقسمة تتحسن، لكننا بحاجة إلى المزيد من الوقت حتى تعود العلاقات المجتمعية والاجتماعية كما كانت ما قبل أحداث يونيو 2007 ".

ورغم الصراع السياسي والميداني، إلا أن حكومة قطاع غزة، التي تديرها حماس، وحكومة الضفة الغربية المحتلة، التي تديرها فتح، حافظتا على درجة متدنية من التنسيق في مجالات "التعليم والصحة، والشئون المدنية".

وأشار البسوس في هذا السياق إلى وجود جهود تنسيقية ما بين وزارتي التربية والتعليم في الضفة الغربية وقطاع غزة كـ" توحيد بعض المناهج، وتوحيد امتحانات الثانوية العامة وإعلان النتائج".

ومن جهته، أوضح المحلل السياسي هاني حبيب، الكاتب بعدد من الصحف المحلية، أنه خلال سبع سنوات من الانقسام الفلسطيني اتخذت أطراف الانقسام إجراءات ذات طبيعة سياسية وقانونية حوّلت من خلالها الانقسام إلى "انفصال" فلسطيني.

ووافق حبيب، المحلل السياسي هاني البسوس في استبعاده لتوصل الأطراف الفلسطينية المنقسمة إلى مصالحة وطنية، مشيرًا إلى أن التصريحات التي يصرّح بها القادة ليس أكثر من "إعلانات مخادعة، غير صادقة".

ولفت حبيب إلى أن تزايد وتيرة الجرائم بقطاع غزة، وارتفاع نسبتي الفقر والبطالة، وتصاعد وتيرة الاعتقالات -في شقي الوطن-على خلفيات سياسية وحريات الرأي، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع السياسية، كلّها نتائج يجنيها الشعب الفلسطيني من الانقسام الذي أوجده الفصائل.

وحذّر حبيب من خطورة تدهور الأوضاع الاجتماعية بغزة في ظل استمرار الانقسام، منوهًا إلى أن "الانقسام يكبُر، وآثاره السلبية تزداد، لكن لا حلّ يلوح في الأفق".
الجريدة الرسمية