رئيس التحرير
عصام كامل

زفة بلدي: الحرب غداً.. الحرب غداً !

يوجد بيننا من يتعجل الحرب كمن يتعجل الخروج إلى نزهة في النيل، أو فرح في فندق خمسة نجوم. بمجرد ظهور الرئيس السيسي وسط القوات على الحدود المصرية الغربية، وبعد إلقاء كلماته التي حددت بوضوح متى نتدخل وأين وتحت أي غطاء قانوني، دولي أو ليبي، وقع ما تخوفنا منه أن يقع..

 

حين ينصب مولد التوكتوك الليلي ويخرج جاموس إثر جاموس، ينهق وينعق، ويصعد في اللت ويمط، ويفحر في الكلمات المحسوبة بدقة، القاها رجل رشيد على رأس جيش رشيد. إشتغلت المارشات العسكرية مستخرجة من أرشيف محطات، واخرجت اغاني حرب اكتوبر، وبات الناس يتساءلون: إحنا حنحارب؟ حنحارب؟ خلاص الحرب جايه في ليبيا!

 

هذا الأداء المسعور اللاوعي أخطر على القرار السياسي من أى خطر خارجي ، لأنه يدفع في اتجاه التحرك تحت وطأة توقعات انتفخت وتمددت واستطالت بسبب رعونة وضيق أفق وفرحة ساذجة من مذيعين لاعلاقة لهم بحسابات الحروب..

 

اقرأ ايضا: ليبيا والقرار المصري

 

مصر لم تبدأ حرب أكتوبر إلا بتخطيط إعلامي واستراتيجي حدد الموعد والأدوات.. والأهداف. الزفة البلدي التي وقعت ليلة أمس مع تشغيل اغنيات واناشيد من حرب أكتوبر، سقطة اعلامية ينبغى تداركها ووقفها وكف ألسنة التسخين.. والتصعيد . أداء اعلامي يستدعى خيبة الإعلام الشمولي السابق والمعاصر لهزيمة يونيو 1967.

 

ماذا قال الرئيس ؟

 

سيرت خط أحمر عندها نتدخل. التدخل لو طلب الشعب الليبي تدخلنا. أبناء القبائل يتم تدريبهم وتسليحهم ونحن فى ظهورهم . لم يقل الرئيس أبدا أننا سنشن الحرب.

 

التدخل لا يعني الحرب الشاملة. في ليبيا لايوجد جيش نظامي كامل تواجهه. توجد عصابات مسلحة وتنظيمات ارهابية مسلحة ومرتزقة. لا يمكن لجيش نظامي مواجهة هذه النوعية من المجرمين بقوات وخطط واسلحة حرب شاملة مع جيش نظامي.

 

اقرأ ايضا: بقانون القوة المضادة!

 

التدخل له أدواته المناسبة من عناصر قتالية وأسلحة وخطط ومسرح عمليات تحدده انت. كل هذا وأكثر بالطبع تعرفه وتفهمه وتمارسه القيادة السياسية والعسكرية التى نعتز بها ونثق فيها كل الثقة، وندرك انها قيادة رشيدة رزينة متحسبة وصارمة عند اللزوم .

 

الحرب قرارسياسي ، واستثارة القرار السياسي بالصاجات الاعلامية والهبل العيالي ، لن يثير إلا القرف والامتعاض وفقدان الثقة في الشخص الفرحان فرحة العبيط بالذهاب إلي الحرب.

 

تتغذى المحطات الحقيرة المعادية لمصر ، كالخنزيرة وغيرها، علي هطل هذه الفئة الضالة مهنيا وسياسيا ، والساذجة كالدببة. التباهي بقدرات جيشنا حق لنا وواجب، لكنى ارتاب وانظر بحذر، في تركيز بعض المواقع والفضائيات الدولية على تنامى وتضخم القوة العسكرية المصرية.

 

تعودنا من جيشنا الفعل قبل القول. الإعلام يقول ويفرض وينشر فهمه الصبياني على الناس. هل بات المصريون مطمئنين؟ نعم مطمئنون إلى قوة رجل البيت، إلى جاهزية جيشنا العظيم، لكن من الذي يقول أن أحدا يطمئن وبلده ذاهب إلى حرب لم يعلنها الرئيس وأعلنها إعلام الأفراح والطهور؟! إعلام يونيو وجمال عبد الناصر: من فضلك إسكت. إبلع لسانك. إخرس!

 

الجريدة الرسمية