رئيس التحرير
عصام كامل

مخطط إسرائيلي لـ"توريط القاهرة" في ليبيا.. "أردوغان" مجرد واجهة لـ"إرهاب تل أبيب".. و"تسليح الجيش المصري" كلمة السر

رئيس وزراء إسرائيل
رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو

«فتش عن إسرائيل» الحقيقة الوحيدة التي يمكن أن تكشف حجم الأزمات والمشكلات التي تواجهها مصر بين الحين الآخر فـ«الكيان الصهيوني» الذي نبت شيطانيًا في الشرق الأوسط وحصل على رعاية وحصانة كاملة من الولايات المتحدة الأمريكية طوال السنوات الطويلة الماضية لا يتوقف عن العبث بأمن دول المنطقة وعلى رأسها مصر التي رغم وجود اتفاقية سلام معها.

 

رمانة الميزان

لا سيما وأن تل أبيب تعتبر القاهرة العاصمة كونها «رمانة ميزان» المنطقة العربية هذا فضلًا عن أنها صاحبة أقوى جيش عربي في منطقة الشرق الأوسط «دمشق.. بيروت.. وبغداد» ولا يخفى على أحد الدور التخريبي الذي مارسته إسرائيل داخل العواصم العربية هذه وعبثها بأمنها.

ومؤخرًا انضمت العاصمة الليبية طرابلس إلى المخطط الإسرائيلى مع الأخذ في الاعتبار أن ليبيا تعتبر البوابة الغربية لمصر وامتدادها الحيوي ولهذا هناك رغبةإسرائيلية في تحويل ليبيا إلى سوريا جديدة مستباحة وستكون فرصة في استغلال بلد تتمتع باحتياطيات نفطية كبيرة كما فعلت إسرائيل في سوريا والعراق من خلال شراء النفط بطرق غير شرعية بثمن بخس.

إسرائيل وليبيا

وفي هذا السياق قال ثائر العقاد الباحث والكاتب بالشأن الفلسطيني والعربي: مؤكد أن إسرائيل تستفيد بشكل غير مباشر من القتال الدائر في ليبيا من خلال مصالحها الـ«جيوإستراتيجية» في شرق البحر المتوسط فالصراع الدائر في ليبيا ظاهره عسكري بين الأطراف المتصارعة وحلفائهم.

ولكن في حقيقته هو صراع الطاقة والغاز في البحر الأبيض المتوسط فإسرائيل أبرمت اتفاقية الغاز (إيست ميد) مع اليونان وقبرص في مطلع يناير الماضي بغرض وصول الغاز بعد ذلك إلى أوروبا والانشغالات الحربية بالحرب في ليبيا تسهل لإسرائيل تمددها وتوسعها في مجال الغاز.

مصلحة مباشرة

ومن المؤكد أن إسرائيل لها مصلحة مباشرة في وجود بؤر مشتعلة في أغلب الدول العربية فمثما ساعد الحريق السوري المشتعل منذ سنين إسرائيل وحققت أهدافًا عسكرية ضد سوريا وإيران وحزب الله أيضًا الحرب والصراع الدائر في ليبيا يحقق لها أهدافا وخاصة كون ما يحدث في ليبيا يتعلق بالأمن القومي المصري مباشرة.

وتهدف إسرائيل إلى إحاطة مصر بمجموعة من الأخطار (إثيوبيا وسد النهضة وليبيا) ولكن أهدافها الحقيقية من وجهة نظري تتعلق بالطاقة والغاز والصراع الدائر حول الحدود البحرية في شرق المتوسط.

الدور الروسي

وحول الدور الروسي في الأزمة الحالية والأزمات السابقة أوضح «العقاد» أن سوريا أصبحت منذ سبتمبر 2015 محطة دائمة بالنسبة لروسيا من خلال الوجود العسكري والذي بفضله توسعت السيطرة على الأراضي السورية.

وهناك أهمية لليبيا بالنسبة لروسيا لكن الملامح النهائية للموقف الروسي لم تتضح ولم تحسم بعد فهي من قادت مبادرة وقف القتال بين قواتي حفتر والسراج من خلال مؤتمر موسكو الذي عقد في يناير 2020 ومع وجود أحاديث بورود أسلحة ووجود قوات روسية تقاتل إلى جانب حفتر عقب التدخل التركي في ليبيا ، روسيا لم تلق بثقلها بعد في الملف الليبي.

لكن من المؤكد أن لها مصالح اقتصادية وسياسية في ليبيا وسيتضح موقفها أكثر بعد سيطرة قوات السراج على مناطق في الغرب الليبي.

الدور الأمريكي

وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي من الأزمة الليبية يرى «العقاد» أنه كان متأرجحًا ومثيرًا للريبة بين قبول خفي لتحركات «حفتر» العسكرية وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب وعزمه في السابق السيطرة على العاصمة طرابلس وقبول علني بحكومة السراج في طرابلس والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

غير إنه من الواضح أن التطورات العسكرية الأخيرة وسيطرة قوات الوفاق ، ودعم الروس لحفتر والخشية الأمريكية من الوجود الروسي في ليبيا ستجعل الموقف الأمريكي يميل أكثر لصالح السراج.

في نفس السياق كشف الدكتور هيثم محمد الخبير في الشئون الإسرائيلية والصراع العربي الإسرائيلي أستاذ الأدب العبري أن ما يجري في ليبيا يخدم إسرائيل من الناحية الإقليمية بمعنى أن القوة الرئيسية في المنطقة المتمثلة في مصر تركيا اليونان إيطاليا وفرنسا في حالة انشغال بالقتال الدائر في ليبيا لأن كل طرف له مصالح ومعنى أن تكون مصر وتركيا في حالة صراع هو أن إسرائيل ستحاول أن تستغل هذا الصراع للوصول إلى اتفاق مع الأتراك لتوصيل الغاز إلى أوروبا.

بالإضافة إلى أن حالة الإنهاك العسكري لمصر وتركيا يجعل من إسرائيل قوة متفردة في الشرق الأوسط بالإضافة سلاحها النووي علمًا أن الإسرائيليين يعملون منذ عدة سنوات على إعادة بناء قوتهم العسكرية وتسليحها بأحدث الأسلحة بأموال المعونة الأمريكية.

إنهاك مصر 

وأضاف أن إسرائيل تريد سد الفجوة بين جيشها وقوة الجيش المصري لذا من مصلحتها جر مصر إلى القتال في ليبيا لإنهاك القوى الإقليمية في صراعات ضد بعضهم البعض.

ومن ناحية أخرى إسرائيل ستحاول في هذا الوضع أن تصل لاتفاق مع تركيا من منطلق استغلال العداء بين أنقرة وبين القاهرة لأن الأتراك أعلنوا أنهم لن يسمحوا بمرور خط أنبوب غاز بين إسرائيل وأوروبا دون إذنهم لكن حالة الاقتتال الدائرة ستدفع تركيا لاتخاذ قرار بعدم فتح جبهات كثيرة وبالتالي من المتوقع أن تتنازل أمام إسرائيل.

وتابع: في الوقت نفسه ليس من مصلحة إسرائيل وصول تيار الإسلام السياسي المتطرف في ليبيا بقلب الشرق الأوسط وبوابة أوروبا الجنوبية الذي بدوره قد يتحول لمفرخة إرهاب يرتد عليها فيما بعد أو على حلفائها في المنطقة، خاصة أنه معلوم أن تيارات الإسلام السياسي حين تصل للحكم تحول موارد الدولة إلى التنظيمات.

غير إنها في الوقت ذاته من مصلحتها أن ينشغل جيرانها بالاقتتال في ليبيا دون وصول تلك التيارات إلى سدة الحكم.

الصدام المصري التركي

وحول الدور الذي تلعبه إسرائيل لتزكية الصدام (المصرى – التركى) قال «د.هيثم»: قطعًا.. الصدام التركي المصري يعني إنهاكًا للطرفين وهذا ما تريده إسرائيل مع العلم أن التقارير الإسرائيلية الأسبوعية المتعلقة بزيادة القدرة التسليحية للجيش المصري تتسبب في حالة من الهلع داخل إسرائيل.

ورغم هذا يجب التأكيد على أن إسرائيل لا تريد انهيارا كاملا لمصر لكنها تريدها ضعيفة فقط وفي حالة انشغال وإنهاك دائم دون الانهيار الكامل.

وأكمل: السؤال المطروح دائمًا في إسرائيل هو ماذا ستفعل مصر بالسلاح القوى الذي تملكه والقواعد العسكرية الجديدة المتمددة شرقا وغربًا في البحر الأحمر والبحر المتوسط؟!

وهذا السؤال خلقه وجود اعتقاد أن مصر إذا لم تدخل حروبا على جبهات أخرى مثل ليبيا على سبيل المثال أو في إثيوبيا فإن جيشها القوى يشكل أكبر خطر على إسرائيل لذا أزمة ليبيا فرصة لتوريط مصر وإنهاكها وجر رجلها في حرب خطيرة كونها تعتمد على حرب جيش نظامي ضد عصابات شوارع وهذا من أخطر أنواع الحروب.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية