رئيس التحرير
عصام كامل

ما الفرق بين الود والمعروف ؟

الشعراوي
الشعراوي

هناك أفعال نفعلها خيراً ونقول: هذا من باب الود أو من باب المعروف.. فهل هناك فرق بين أفعال الود والمعروف؟

 يجيب الشيخ محمد متولي الشعراوي فيقول: تقول الآية الكريمة في سورة المجادلة 25: "لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ "، ثم يقول جل شأنه فى سورة لقمان 15: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا".

والآيتان هنا لم تردا عن شخص واحد، بل جاءت الأولى فى الود، وجاءت الثانية فى المعروف، ولو أن الآيتين وردتا على شيء واحد لأمكن أن يقال هناك تناقض، فما هو الفرق بين الود والمعروف ؟. الود هو حب القلب، وحب القلب يدعو إلى انجذاب القلب بتبعاته من كل مظاهر الحب، والمعروف هو بذل القلب وتصنعه مع من تحب ومن لاتحب..  وتبعات الود لا تضعها إلا مع من تحب، فالأب الكافر لايحبه المؤمن بالقلب، ولكن يصنع له المعروف لأن الابن مأمور بأن يكون صاحب معروف حتى مع اعدائه. والود القلبى يترتب عليه المعروف، أما المعروف فلا يترتب عليه الود القلبى، ووقائع الاسلام دالة على ذلك.. فمثلا سعد ابن ابى وقاص حين اسلم حلفت امه ألا تأكل ولا تشرب ولا تغتسل ولا تقوم من الشمس، فقال سعد لقومه: دعوها فإن آذاها القمل اغتسلت، وإن عضها الجوع أكلت، وغن أصابها الظمأ شربت، وقال لها: يا أمى والله لو ان لك مائة نفس ونفس ثم فاضت منك نفسا نفسا على ان اترك دين محمد ما تركته.. هذا هو الذى صنعه الإيمان، فالحب لا يتسع لأمرين أبدا، ويقول الله فى سورة الأحزاب: (مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ).. ولذلك فحينما يطلب الله من المؤمن ألا يجعل حب الدنيا فى قلبه، فلأن الله يريد أن يكون قلب المؤمن منزله، ولايريد ان يجعل معه فى القلب سواه، والدليل على ذلك ان الذين خلعوا من قلوبهم الود لكل كافر ولو كان ودا غريزيا أو عاطفيا كما حدث من سعد.

وهناك مثل آخر، ففى موقعة بدر كان سيدنا ابو بكر الصديق بجانب النبى، وابن له كان لا يزال كافرا يحارب معهم فى صف ضد أبيه ثم أسلم الولد بعد ذلك، فقال الولد لأبيه: يا أبت لقد رأيتك يوم بدر فعزمت عنه مخافة ان ينالك شيء، فقال أبو بكر: والله يابنى لو تراءيت لى يوم المعركة لقتلتك.

كيف يمكن أن يسود الود والحب بين الناس؟

 

كلاهما صادق لأن أبا بكر يقارن بين بنوة وأبوبية فيرجح عنده جانب الأبوبية، ولكن ابنه يقارن بين أبيه وبين لاشيء.. كل ذلك دليل على أن الحب الإيمانى إذا تمكن فى القلب لايوجد فيه نزاع لانه يحب شيئا آخر.

ومن هنا نعلم أن الود الإيمانى عمل قلبى بحت والمعروف احسانى لمن تحب ومن لا تحب.

الجريدة الرسمية