إعلام العبيط والهلفوت
الهلفوت هلفوت، والبلطجي بلطجي، والقوى يبقي قويا، ولا يجوز إلا لعبيط أن يجعل للهلفوت قوة القادر، ولا سطوة البلطجي. كل شيء بمقياس، وبواقع يتحقق على الأرض، وبالتالي فإن من يروج بعبط إلى أن الهلفوت أردوغان يحتل ليبيا يكرس سذاجة وتضليلا للرأي العام لايقل خطورة وخطيئة عن إعلام أحمد سعيد وهزيمة الخامس من يونيو عام ١٩٦٧. أن تقود العموم في اتجاه السباب، فإنك تخلق معارك حارة وزقاق، ومع التوسع فهى خناقة شوارع.
لا يستطيع هلفوت أبدا أن يحرك الجيوش والأساطيل، وسط معادلات دولية متناقضة، يستغلها لتحقيق مصالحه العليا. سمه لصا. سمه مغامرا. سمه حالما. سمه جامحا. سمه ما شئت لكن مسميات الهلفوت وشلح وما شابه هو في حقيقة الأمر هوان عقلي يصدر عنه سطحية في المعالجة الإعلامية.
حين يتصدر الإعلام لمعالجة وضع استراتيجي حرج، فمن المتوقع أن يكون بذات وزن الموقف وتداعياته. أما سوق الناس إلى هشتاجات فكأنما هي زفة صاجات وشوبش يا....
تركيا تحارب مصر في ليبيا، وإثيوبيا تستفز مصر في ملء السد، والجبهة الشمالية الشرقية مهددة بالإرهاب، وفي الداخل نعاني تراجع الإيرادات والطمأنينة النفسية بسبب كورونا.
اقرأ أيضا: بقانون القوة المضادة!
وسط هذا كله نثق ثقة مطلقة في أن العقلية العسكرية المصرية أثقل وزنا من هلافيت زفة الهاشتاجات. لن يحصد هذا النوع المتهافت من الإعلام إلا احتقار الناس وبالذات الشباب، لكراهتهم للتدنى والتسطح، أما الكبار مثلنا ممن عاشوا في شبابهم إعلام موعدنا قريب في تل أبيب، وسنلقي بإسرائيل في البحر، ويا جونسون إن لم يعجبك مياه المتوسط فاشرب من ماء البحر الأحمر، والقاهر والظافر.. فمازلنا نكتوى بالمرارات.. ومازالت الأمة العربية كلها تدفع ثمن هزيمة ناصر في ١٩٦٧.
لسنا في فرح بلدى، ننصب نصبة ونعقد سحائب الدخان الأزرق ونفرقع زجاجات أنا جدع. الموقف يحتاج رشدا وارتفاعا لمستوى المسئولية.
التحرك المصرى الدولى يحقق أهدافه، ويكتسب التأييد لعقلانيته، ويتبناه الأمريكيون والروس والاتحاد الأوروبي، والتعبير عن هذا النجاح الدبلوماسي لمؤسسة الرئاسة ولوزارة الخارجية معا، يقتضى إعلاما بالمعلومات وليس بالردح والتحقير .
اقرأ أيضا: العالم في خطر
التهوين من شأن العدو يخدر الرأى العام، ويقلبه عليك، ويصنع مسافة وحفرة هائلة بين رأس الدولة وبين الجماهير. بل تجعل مهمته في اقناعها بالمنطق والحقائق صعبة.. إذ لم نعثر بعد على مسطول ومخدر امكن اقناعه بأنه مسطول وتحت التخدير !
الهلفوت والعبيط.. والعرض مستمر.
ونتصور أن الأستاذ أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، لابد عاكف مع المعنيين على وضع خطة إعلامية تفصيلية، ذات سياسات وأساليب عمل محددة، لمرحلة المواجهة متعددة الجبهات الحالية، تعين صانع القرار والجيوش على تحقيق الأهداف الوطنية. الوضع الحالى اجتهادات حناجر وحواجب .
