رئيس التحرير
عصام كامل

حوار مع مبارك "الجزء الأول"


كنت في حالة ارتباك شديد، لم أشأ أن أخبر أحدا بالموعد الذي تم تحديده مع الرئيس السابق حسني مبارك في محبسه داخل مستشفى القوات المسلحة، قبل شهور مررت على المستشفى وكأنني أحاول أخذ موعد من طبيب، ثم عرجت إلى الممر الذي يفضي إلى غرفة الرئيس السابق، استوقفني عدد من الجنود والضباط، قلت ببساطة 


"عاوز أقابل مبارك "
كانت ملامح الجنود والضباط متجهمة قليلا غاضبة قليلا متعجبة أكثر، قال الضابط الكبير وهو يدفعني برقة 
"هو مش فاضي دلوقتي بعدين" 

كنت أعلم أن مبارك لا يفعل شيئا فالتقارير الصحفية تقول إنه يواظب على الصلاة وقراءة القرآن ومتابعة أحداث البلاد، وأيضا ملفات قضيته، أو إن شئنا الدقة قضاياه، ابتسمت للضابط وقلت له 
"بس قله عاوز أشوفه وشوف هيقولك إيه "
"أنت صحفي" ؟
"لأ كاتب "
"وفي فرق" ؟
"كبير طبعا سيادتك أنا مش هنشر اللي هيدور بيني وبينه لكن هو لو قاللي اكتب هكتبه في كتاب" 
.
صمت الضابط قليلا وأمر الجنود بمتابعتي في حين اختفى لدقائق في غرفة صغيرة ليعود بعدها وهو يدعوني للدخول معه طالبا أن أكتب كل بياناتي في ورقة وبطاقتي الشخصية التي قام بتصويرها. 
كنت أعلم تماما أن ما أفعله هو ضرب من الجنون، فمبارك لم يتحدث لأحد حتي الآن إلا بكلمات مقتضبة هنا أو هناك، وفشلت كل الفضائيات والجرائد سواء المحلية أو العالمية في الوصول إليه، فرض عليه سياج قوي من الأمن أو هو نفسه فرض هذا السياج حفاظا على ما تبقى من بقايا رئيس.
بعدما عدت من المستشفى بدأ قلبي يدق بشدة، ما هذا الجنون الذي أقدمت عليه، بياناتي الآن تلف أجهزة الأمن في مصر كلها بحثا عن ذلك الذي يقول إنه كاتب ويريد مقابلة الرئيس السابق المتنحي، كنت شاردا وأنا أحاول ازدراد لقيمات الغداء وسجائري التي نفدت في أقل من ساعتين، أراقب الهاتف كل دقيقة في حالة ترقب. 
في اليوم التالي كنت ذاهبا إلى العمل عندما وجدت وجوها غير مألوفة في منطقتي تنتظر سيارة ميكروباص، وسيارة أخرى تسير خلفنا وألاحظها جيدا في شاشة الموبايل من الكاميرا الأمامية، بدأت المراقبة، بل تعدى الأمر إلى أشد من ذلك عندما اتصلت بي زميلة في العمل تقول إن ملفي قد طلبه رئيسي بشكل عاجل، هنا بدأت أشعر بالخوف بل بالمرحلة التي بعد الخوف، ولكن ما الضير الآن لقد سبق السيف وطلبت مقابلة الرئيس السابق. 
بعد أيام من التوتر وجدت اتصالا من رقم مجهول 
"أستاذ أحمد "
"أيوة مين "
"بكرة الساعة خمسة في مقر الأمن الوطني تيجي لوحدك "
"مين معايا "
"مش طلبت تقابل مبارك.. تعالي نقعد نشرب القهوة الأول وبعدين نشوف موضوع المقابلة "
وارتج عقلى وأنا أغلق الخط، وكاد فنجان القهوة يندلق من يدي ولكن في الخامسة تماما كنت أمام مبني الأمن القومي. 
ملحوظة: هذه المقالة متخيله ولم تحدث ولن تحدث وإنما مجرد خيالات كاتب. 

الجريدة الرسمية