أن تكون إنسانا!
الابن: أيوة يا بابا.. وحشتنى أوى
الأب ببرود: أيوة يا أحمد ازيك يا ابنى.. أخبارك إيه؟
الابن: أنا الحمد لله كويس بكرة جاى القاهرة عندى إجازة طويلة شوية حوالى أسبوعين
الأب بتوتر وعصبية: جاى.. جاى فين يا ابنى.. خليك عندك اوعى تيجى ده الغردقة مليانة حالات كورونا.. وأنا يا ابنى راجل مريض وعندى القلب.
الابن : يا بابا أنت وحشتنى وعايز أشوفك وأنا والله واخد بالى وما عنديش أى أعراض تخاف منها.
الأب: هو أنا لسه هاستنى الأعراض والله لو جيت لا أنت ابنى ولا أعرفك، وأغلق الأب التليفون ولم ينتظر من ابنه الرد.
فى موقف آخر يرن جرس التليفون فيرفع الأستاذ فلان التليفون: ألو مين معايا
المستشفى: حضرتك والدتك السيدة فلانة اللى جات مستشفى العزل من أسبوع
يتردد الأستاذ فلان ويرتبك: خير فى إيه؟
المستشفى: أحنا آسفين يا أفندم.. شد حيلك البقاء لله ربنا يصبرك
الأستاذ فلان: أمى ماتت.. وفترة من الصمت
المستشفى: يا أستاذ حضرتك معانا على الخط.. يا أستاذ
أستاذ فلان: أيوة أيوة معاك.. عرفت خلاص أن أمى ماتت عايزين منى إيه دلوقتى
المستشفى: حضرتك هتيجى تستلمها إمتى؟
أستاذ فلان وصوته كله استغراب: أستلمها.. أستلمها ازاي انتى عايزينى أتعدى منها.. اتصرفوا أنتم وادفنوها.. وأغلق الخط.
اقرأ أيضا: المخبأ
حاول المستشفى بشتى الطرق التواصل مع أستاذ فلان أو أبنائها الآخرين فلم يجدوا ردا شافيا، فما كان من المستشفى إلا أنها اتصلت بالشرطة التى أخذت من أولاد المتوفاة تفويضا بقيام المستشفى بكافة الإجراءات واستلموا شهادة الوفاة بدون أن يودعوا والدتهم المسنة، وقام أحد المتطوعين بتغسيل جثمان السيدة المتوفاة وتم دفنها فى مقابر الصدقة..
هذه ليست النهاية فالنماذج التى ذكرتها حقيقية مائة فى المائة وهناك ما هو أبشع سواء فى تعامل بعض الجيران مع مرضى الكورونا بإحتقار ونفور كأنهم أشخاص منبوذون متناسين أن إصابة أحدنا بالمرض ما هو إلا ابتلاء واختبار من الله ليس لنا فيه أى ذنب.. وأتساءل أين ذهبت جدعنة الشعب المصرى وشهامته فى الأزمات؟!
متى تحولنا إلى شعب أنانى كل منا لا يفكر إلا فى نفسه؟ وهل الوعى والتعليم والثقافة لها دور فى تدنى مستوى التعامل بين الناس أم أن الموضوع ليس له علاقة بمدى الوعى أو التعليم؟
اقرأ أيضا: "رمسيس الثاني" الملك العاشق
نعم ما يحدث من نماذج وقصص يندى لها الجبين تحدث فى الأحياء الراقية كالمعادى ومصر الجديدة والمهندسين كما تحدث فى بعض قرى ومحافظات مصر.. لا فرق بين هؤلاء أو هؤلاء..
ربما لم يمر علينا وباء ذو صفة عالمية مثل (كورونا) فى العصر الحديث ولا نجد فرقا بين غنى أو فقير ولا دولة متقدمة أو دولة نامية الجميع يصاب والكثير يموت خاصة فى الدول المتقدمة ورغم كل التكنولوجيا فالجميع عجز أمام إرادة الله التى تجلت فى هيئة فيروس لا يرى بالعين المجردة.
ولكن يبقى الفرق هو قوة إيماننا بالله، والتكاتف والوقوف وقفة رجل واحد هو ما يجعل المصيبة هينة ويعطينا طاقة وقوة حتى ننتصر على مخاوفنا.. ليس كافيا أن ترتدى الكمامة وأنت تسير فى الشارع.. ليس كافيا أن تنظف بيتك كل يوم بالماء والكلور.. لا ليس كافيا أن تبقى فى البيت وتقلل الزيارات.. وتراعى مسافات التباعد، فهناك ما هو أكثر؟
اقرأ أيضا: "ادعم قطاعك" مبادرة جديدة لدعم العمالة اليومية في أزمة كورونا
أن تكون إنسانا.. يعرف معنى الإنسانية، أن تساعد من يحتاج لمساعدتك حتى نمر بهذه الأزمة.. أن تتطوع إذا كان فى مقدورك لتشترى لجيرانك المصابين طلباتهم المنزلية وتمنع عنهم أذية بعض الجهلاء.
أن تحتوى معنويا أمك وأباك وأخاك أو أختك إذا حدثت له الإصابة لا قدر الله، فربما الحفاظ على معنوياته مرتفعة تعجل بشفائه .. وإذا قدر الله أن يتوفي أحد المقربين لك بسبب إصابته بكورونا لا تخش أن تقف على غسله أو تصلى عليه أو تمشى فى جنازته فبالتأكيد تستطيع أن تتخذ كل الاحتياطات للحفاظ على صحتك.. فهدفنا أن تكون أنت أيضا بخير.. وختاما لا أجد سوى قول الله تعالى: ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) صدق الله العظيم.