في مصر "شعبين"
في مصر شعبان: شعب واقعي فيه الشريف واللص، وشعب من الملائكة الخبراء في كل شيء على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الأخير نال من الشعب الواقعي في أكثر من مرة، آخرها وليس أخيرها التندر بوعي الشعب الواقعي، ونشر صور لزحام على عربات القطار والمترو وأمام ماكينات صرف المعاشات وبعض البنوك.
الشعب الواقعي يتزاحم حقا وليس خيالا، لأن الواقع يفرض عليه إما البقاء في البيت حماية لنفسه ولبلاده، وهو أمر لا يمكن تحقيقه واقعيا، فالذين يستطيعون البقاء في منازلهم لابد وأن يكون في بيوتهم دقيق.. نعم لابد أن تتوفر وسائل الحياة البسيطة لهؤلاء حتى يبقوا في منازلهم ولكن ماذا لو بقي في البيت دون طعام؟
واقع إمكانات الدولة يقول إن لدينا سكك حديدية غير كافية لفرض التباعد، فماذا يفعل رجل بسيط لابد وأن يبحث عن قوت إن لم يوفره مات هو وأولاده وإن أراد توفيره لابد وأن يتزاحم ليصل إلى مناطق لقمة عيشه.
اقرأ أيضا: تخاريف ساويرس
معادلة صعبة اختار فيها المصري أن يتعامل مع واقعه هو لا واقع الشعب الافتراضي الذي يتندر به ويسخر منه.. قرر الشعب الواقعي أن يبحث عن قوته حتى لو كان الثمن هو الموت، ففي هذه الحالة سيموت وهو يحاول، أما أن يلزم داره فإنه سيموت جوعا لا محالة.. بذمتك أي الميتتين أشرف وأنبل؟
قطاعات اليومية والموظفين والباعة الجائلين وأصحاب التجارة البسيطة وأعداد بالملايين لابد وأن يموتوا وهم يحاولون سد جوعة الأبناء، ذلك أشرف وأنبل لهم من أن يموتوا التزاما بالإجراءات الاحترازية المستحيلة، ومنها التنقل عبر وسائل مواصلات تكتظ بمئات الآلاف من البشر.
اقرأ أيضا: سيف البطالة يطارد 12 مليون مصري
تحية للشعب الواقعي بعيدا عن السخرية التي يمارسها الشعب الآخر، الذي قد يتشارك كثيرا مع الشعب الواقعي صباحا، ولكنه في المساء يمارس دور الوعاظ والملائكة والخبراء، وفي الصباح هو واحد من هؤلاء المحبوسين مع مئات من رفاقه الواقعيين في عربة قطار أو أتوبيس نقل عام أو ميكروباص لا يوفر مسافة بوصة بين الراكب وجاره!!