رئيس التحرير
عصام كامل

تخاريف ساويرس

عندما قال نجيب ساويرس إن عودة العمل إلى طبيعته ضرورة لصيرورة الحياة ذاتها وفق الإجراءات الاحترازية الموثقة قامت الدنيا ولم تقعد. قال ساويرس هذا الكلام بعد وقت قليل من الصدمة العنيفة التي تلقتها الإنسانية.

 

وكانت الحالة العصبية قد سيطرت على الجميع فرأى الفريق الأغلب أن كلام الرجل يدخل من باب الرأسمالية المتوحشة ولم يكن هذا الفريق يعمل منفردا بقدر ارتباطه بما يمكن أن نسميه التعليمات.

بعدها أطلق رجل الأعمال حسين صبور ذات الكلام وفي نفس الوقت كان رجل الأعمال غبور يسير على نفس النهج، أطلقت حملة من النقد تعدت مرحلة النقاش إلى بث الكراهية ولم يكن حتى حينها قد صدرت تصريحات تصب في نفس الاتجاه من عواصم الرأسمالية المقيدة اجتماعيا أو حتى بلاد الرأسمالية المتوحشة.

تجميد مبادرة البنك المركزى

بعض الذين وصفوا ما قاله ساويرس بالتخاريف كانوا قد قالوا ما قالوا تحت وطأة التمسك بالحياة وسط موجة عاتية من أخبار تندرج كلها تحت عنوان صناعة الخوف وبعضهم الآخر ممن تعدى حدود النقد إلى التطاول إنما عبر عن مكنونه وذاته المريضة دون وازع من ضمير كان يفرض على الجميع النقاش حول الطرح بهدوء وروية.

مضت الأيام تأكلها أيام وعروش تتساقط ودول تنهار ومجتمعات أصابتها شروخ وأخرى تخفي ما قد وصل إليه الحال وهنا بدأ العقل الجمعي يدرك أننا أمام أزمة غير محددة المعالم وقد يطول بنا الحال فماذا نحن بني البشر فاعلون؟

 

اقتلوا رجال الأعمال أو انفوهم

تخاريف ساويرس أصبحت مادة صامدة على موائد النقاش الاقتصادي والاجتماعي وبدا أن صناع القرار في العالم أمام واقع يفرض عليهم إعادة التفكير في طريقة المواجهة وخرجت تصريحات من البيت الأبيض ومن الكرملين ومن قصر الإليزيه ومن مبنى المستشارية الألمانية وغيرها من مراكز إدارة القرار واتضح أن تخاريف ساويرس لم تكن سوى لحظة صدق أخرج فيها الرجل ما في جوفه دون حسابات ضيقة لا تحكمها سوى عاطفة غير منطقية.

 

بدأ العالم يفكر في العودة وفق إجراءات احترازية تتعايش مع الواقع الأليم حتى تصل الإنسانية إلى حل طبي قد يطول أمده ومربط الفرس هنا أننا كنا منذ لحظة إطلاق ساويرس لرؤيته أمام فرصة ذهبية لو ناقشنا ما قيل بعين الاعتبار..

 

كارثة في قطاع السياحة

 

خصوصا وأن بلادنا لا تحتمل حالة الجمود في قطاعات السياحة والصناعة والزراعة في وقت يتعافى فيه الاقتصاد المصري من هزات عنيفة تعرض لها خلال سنوات الثورة وما بعدها ثم الحرب على إرهاب أسود قد تطول وتوقف معين العملة الصعبة وتآكلها إلى حد الخطر الذي دفع الحكومة والقائمين على الأمر إلى إعادة التفكير بواقعية إزاء الأزمة الخانقة.

باختصار يمكننا القول إن خبراء في مجالاتهم قد يرون ما لا نرى وهو الأمر الذي يفرض علينا أن نكون منصفين عند نقاش أي أطروحات كان من شأنها أن تجنبنا كثيرا من الأخطار.

 

الجريدة الرسمية