طارق شوقي بين السماء والأرض
فيلم بين السماء والأرض إنتاج عام ١٩٥9، قصة نجيب محفوظ وإخراج رائد الواقعية صلاح أبو سيف، وتدور أحداث الفيلم حول تعطل مصعد كهربائي (أسانسير) في إحدى عمارات أحياء القاهرة الراقية بمن فيه، حيث يتعرض المؤلف للركاب الموجودين بشكل نقد فردي اجتماعي.
تدور الأحداث بعد تعطل المصعد والركاب التعساء لا يعرفون بعضهم البعض، ولكل منهم قصة وهدف مختلف في الحياة، فبينهم ممثلة سينمائية (هند رستم) وشخص مجنون (عبد المنعم إبراهيم) وغيرهم من الأشخاص الذين يشعرون بتعاسة في الحياة.
هل رسَّبَ «طارق شوقي» ونَجَحَتْ الفوضى؟
وعندما يبدأ هؤلاء في إدراك أن هناك أملا ضعيفا في خروجهم أحياء من المصعد يتعظون ويبدأون في رؤية الحياة بصورة مختلفة وإيجابية وينشأ بداخلهم الأمل وحب الحياة بسبب اقترابهم من الموت وإدراكهم أنهم لم يقدروا الحياة حق تقدير، وفي نفس الوقت يوجد هناك شخص خارج المصعد ولكنه تعيس أيضا ويحاول الانتحار بالقفز من سطح المبنى الذي يوجد به المصعد، حتى تصل النجدة وتنقذ من تستطيع إنقاذه.
ويتعرض الفيلم كذلك لأشخاص من خارج المصعد، تدور حياتهم بين الصواب و الخطأ، مثل حارس العقار الذي يحاول حل الأزمة دون الاستعانة بمتخصص، وضابط الشرطة الذي يتعامل مع الجميع بكل احترام ويتصدى لكل جريمة تواجهه، ويتقبل أخطاء مساعديه ويعالجها بسرعة، وتدور أحداث الفيلم في سرعة وصراع يجذب انتباه المشاهد لحظة بلحظة.
لماذا ألقى رجل شرطة نفسه في نهر النيل؟
ولعل إبداع صاحب جائزة نوبل الأديب الراحل نجيب محفوظ يتجلى في لفت النظر إلى ما نسميه اليوم بالتعامل مع الأزمات، كما تألق حين جذب تعاطفنا مع شخصية المجنون الراحل "عبد المنعم ابراهيم" الذي أدرك حقيقة كل الأشخاص الموجودين معه، وأسلوب التعامل معهم، وحلول بعض مشاكلهم، رغم أنه الاسم الثالث بين أبطال الفيلم، والذي تبين في نهايته أنه عاقل وأن سبب إلصاق المرض العقلي به هو خلاف مع زوجته، ليكشف نوعًا جديدًا من الفساد والمحسوبية.
وتعددت الشخصيات لتكشف أنماطًا مختلفة من مجتمعنا البسيط، وتبقى في أذهاننا شخصية المجنون الذي يراه الناس كذلك لأن هناك من ألبسه ثوب المجانين، وهي إشارة إلى أنه من بين أفراد المجتمع من يتعرض لمثل ذلك التهميش والتجنيب لمصلحة نوع ما من الفساد.
هل جريمة النصب تنهي خدمة الموظف العام؟
كما يتعرض أحد الأشخاص للتهميش والتجنيب والاتهام أحيانًا لإفساح الطريق لرؤوس الفساد كي تعزف منفردة أمام الجميع، وتؤكد القصة على أن هناك من تجعل الأزمات منه شخصًا آخر، وأن آخرين لا يكترثون بعد النجاة بثوانٍ معدودة، وقد يكون ذلك هو حالنا اليوم في ظل أزمتنا الحالية مع وباء "كورونا" فنجد أغلب الأنشطة مُجمدة، ولكن من الذي وعى الدرس، ومن الذي يصر على فساده.
وستشهد الفترة القادمة محاولة استغلال البعض للأزمة وادعاء النجاح والبطولة، ومن أبرزهم طارق شوقي، وزير التربية التعليم الذي تعمد إقصاء ذوي الهمم والكفاءات، والاستعانة بمن لا حول لهم ولا قوة، وجاءت تلك الأزمة لتمد في عُمْر أوهامه فيظن البعض أنه كان على حق، أو على الأقل يلتبس الحق على الناس، وهذا في رأيي أسوأ نتائج الأزمة الراهنة.. وللحديث بقية