رئيس التحرير
عصام كامل

تداعيات قطع العلاقات بين الولايات المتحدة ومنظمة الصحة العالمية على العالم

الرئيس الأمريكي -
الرئيس الأمريكي - دونالد ترامب

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه سينهي علاقة بلاده بمنظمة الصحة العالمية مكرراً اتهاماته للمنظمة بأنها متساهلة للغاية مع الصين ومشيراً إلى أن الولايات المتحدة سوف تعيد توجيه الأموال المخصصة للمنظمة نحو مشاريع صحة عالمية أخرى.

 

 هل سيحتاج ترامب الى موافقة الكونجرس للخروج من منظمة الصحة العالمية؟

بحسب ما نشر موقع «scientificamerican»، اليوم السبت، أوضحت مديرة سياسة الصحة العالمية في مؤسسة "كيسر فاملي افونديشون" بواشنطن، أن هذه المسألة يحوم حولها الغموض، ففي الوقت الذي قد يحتاج ترامب الى موافقة الكونجرس نظراً لأن الولايات المتحدة أصبحت عضواً من خلال قرار مشترك عام 1948، فقد تمكن رؤساء سابقون من الانسحاب من معاهدات من دون تدخل الكونجرس.

 

عودة ظهور شلل الأطفال والملاريا

ويتخوف خبراء السياسة الصحية الآن من التأثيرات السلبية على جهود الصحة العامة، فمن الممكن أن تتراوح بين عودة ظهور شلل الأطفال والملاريا، إلى عوائق تتعلق بتدفق المعلومات المرتبطة بـ كوفيد-19، وأضرار ستلحق بالشراكات العلمية في أنحاء العالم، ويعتقد بعضهم أن الولايات المتحدة ستفقد تأثيرها على مبادرات الصحة العامة الدولية، بما في ذلك توزيع الادوية واللقاحات للفيروس التاجي المستجد ما أن تصبح متاحة. 

ومن جانبها، أكدت مديرة مركز علوم الصحة العالمية والامن بجامعة جورجتاون، ربيكا كاتز: "من الصعب جداً التفكير بالآثار الهائلة لذلك، فتوقيت الخلاف بين ترامب ومنظمة الصحة العالمية سيء جداً، اخذا في الاعتبار الحاجة الى التنسيق والتعاون الدوليين للتعامل مع كوفيد-19".

وفيما لا يحتاج ترامب الى موافقة الكونجرس لحجب الأموال عن منظمة الصحة العالمية، ستشكل الفجوة المالية التي خلفتها الولايات المتحدة مشكلة كبيرة، فالولايات المتحدة أكبر مانح للمنظمة بنسبة 15% من ميزانيتها، وتوفر 27% من ميزانية منظمة الصحة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، و19% من ميزانية التصدي للسل وفيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والحصبة، وغيرها، وهو ما يمثل استثماراً أمريكيا وقد تبدد.

وكان ترامب قد  أشار إلى أن الحكومة الأمريكية ستواصل تمويل الملفات الصحية الدولية عن طريق منظمات مساعدات ووكالات، وهذا ما تقوم به التشريعات المقترحة للحكومة الأمريكية، حيث أن وزارة الخارجية الأمريكية تعمم مقترحا لمبادرة قيمتها 2.5 مليار دولار تشرف على الاستجابات المحلية والعالمية للأوبئة العالمية، تسمى "استجابة الرئيس لتفشي الامراض"، وأن قانوناً مقترحاً قدم إلى مجلس الشيوخ أخيراً باسم "القانون العالمي للأمن الصحي والدبلوماسية لعام 2020"، سيعتمد 3 مليارات دولار لمبادرة عالمية لاحتواء الأوبئة محلياً وخارجياً، بإشراف أحد موظفي وزارة الخارجية الأمريكية المعينين من قبل الرئيس.

تداعيات تهديدات ترامب بإغلاق مواقع التواصل.. وهل يسمح القانون الأمريكي بذلك؟

عدم الاتساق في جهود الصحة العالمية

وفي هذا السياق، أشارت الزميلة في مركز التنمية العالمية بواشنطن، اماندا جلاسمان، إلي أنه يتعين أن تتعاون تلك الجهود مع منظمة الصحة العالمية، ويجب أن تأتي مع التزامات متزايدة تجاه هذه الأخيرة"، وفي اعتقادها إذا ما بذلت الولايات المتحدة جهودا موازية لمنظمة الصحة العالمية، فلا تتوقع أن تكون فعّالة كثيرا لأن بناء شراكات مع البلدان يستغرق سنوات، مشيرة في هذا السياق الى اعتماد الحكومة الأمريكية خلال تفشي إيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية على منظمة الصحة العالمية بسبب العنف الذي أبقى معظم المنظمات الإنسانية الدولية بعيداً.

وتؤكد جلاسمان أن منظمة الصحة العالمية لا تزال هي من تنسق الجهود حتى في البلدان، ومن دونها سيكون هناك الكثير من عدم الاتساق في جهود الصحة العالمية، ما قد يؤدي الى إضافة حوالي 11 مليار دولار ستنفقها الولايات المتحدة على برامج الصحة العالمية كل عام، والأهم برأيها قد يكون فقدان التعاون الدولي، وهو مهم تحديداً لمصالح الولايات المتحدة الأمنية، حيث تقول: "نحن بحاجة الى شيء مثل منظمة صحة عالمية لإدارة العلاقات والحفاظ على تدفق المعلومات".

 

خسائر للطرفين

وفيما يتوقع معظم الباحثين في التقرير أن تنجو منظمة الصحة العالمية من قرار تجميد التمويل على المدى القصير، لأن مانحين آخرين سيعوضون الفجوة كما فعلت الصين بالتعهد بملياري دولار، ويرى أخرون أن خطوة ترامب مضرة بمنظمة الصحة العالمية كما بالولايات المتحدة، فبمرور الوقت، ستفقد هذه الاخيرة نفوذها وحقوقها في التصويت، وتتخلى عن قدرتها على تشكيل جدول أعمال الصحة في انحاء العالم.

الجريدة الرسمية