تعسف صحي وترويع جامعي
انتفضت وزارة الصحة دفاعاً عن إجراءاتها والتنصل من تعسفها مع الطواقم الطبية، وألقت تهمة الإهمال على زملاء الطبيب الشاب الراحل وليد يحيى، وأنه كان بمقدورهم إنقاذه، وتناسى جميع قيادات الوزارة أن الموت خطف 19 طبيبا وهناك مئات الإصابات بين الأطباء.
زيادة وفيات وإصابة الفرق الطبية، دعت نقابة الأطباء إلى إصدار بيان عاجل أول أمس، طالبت فيه الجهات المسؤولة بإلزام وزارة الصحة القيام بدورها في حماية الطواقم الطبية. كما طالبت الجهات التنفيذية والتشريعية والرقابية القيام بدورها وإلزام الوزارة بسرعة توفير مستشفيات عزل خاصة لأعضاء الطواقم الطبية لضمان سرعة علاجهم، لأن هذه المطالب "حق أصيل لهم وهم يتحملون مسؤولية الدفاع عن سلامة الوطن".
وحذرت النقابة من أن "تزايد الغضب بين صفوف الأطباء لعدم توفير الحماية لهم سيؤثر سلبا على تقديم الرعاية الصحية، وأن منظومة الصحة قد تنهار تماما وتحدث كارثة صحية حال استمرار هذا التقاعس والإهمال من جانب وزارة الصحة حيال الطواقم الطبية".
اقرأ أيضا: الصالح والطالح في المهن كلها
لم تمض ساعات على بيان النقابة، حتى نشر أطباء مستشفى المنيرة العام، استقالة جماعية مسببة بمنصات التواصل الاجتماعي، بعد وفاة زميلهم د.وليد يحيى متأثرا بإصابته بالفيروس، مشيرين إلى "تعنت وزارة الصحة في التعامل مع الأطباء في جائحة كورونا، وما أصدرته من قرارات تعسفية بخصوص إجراء مسحات PCR، وعزل الأطباء، ما أدى إلى وفاة أكثر من 18 طبيبا وغيرهم من الأطقم الطبية، وآخرهم د.وليد يحيى".
اليوم نفسه، أعلنت الوزيرة هالة زايد عن تخصيص دور بكل مستشفى عزل للمصابين من الأطقم الطبية، وتوفير مخزون كاف من المستلزمات الوقائية بالمستشفيات، وتقديم كافة سبل الدعم النفسي للأطقم الطبية والمصابين بمستشفيات العزل، فضلا عن تحقيق عاجل بوفاة د.وليد يحيى.
لم تستجب هالة زايد لعشرات الطلبات والمناشدات من الأطقم الطبية ونقابة الأطباء، إلا بعد أن لوحوا باستقالة جماعية وامتناع عن العمل، نشرته جميع وكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام المعادية لمصر، التي انتهزت الفرصة للكشف عن ارتباك وظلم وتضحية بـ "الجيش الأبيض"، نتيجة سياسة وزيرة الصحة هالة زايد، وإصدارها قرارات تعسفية تزيد حالات الإصابة بالفيروس بدلا من الحد منها، واعتمادها بروتوكولات مخالفة لتوصيات "الصحة العالمية"، أدت إلى زيادة عدد الوفيات بمصر لتصبح الأعلى في المنطقة، مع قلة حالات الشفاء مقارنة بكثير من الدول العربية.
اقرأ ايضا: أعيدوا المصريين ثم حاسبوا المسيئين
ورغم غضب "الجيش الأبيض" مما يحدث، وضعت الوزارة أخيرا بروتوكولا خطيرا، يفيد "في حالة ظهور حالات إيجابية بين الأطقم الطبية لا تؤخذ مسحات من المخالطين، وغير مصرح بعزلهم، على أن يجري المريض منهم تقييما ذاتيا لنفسه، يبلغه لجهة العمل وفي حالة الاشتباه تؤخذ منه مسحة ويعزل بالمنزل"، بمعنى أن الطبيب حامل العدوى، مسموح له بالعمل ومخالطة الآخرين، قبل ظهور الأعراض، وبالتالي سيصبح الطبيب مصدراً للعدوى بدلا من تقديمه الرعاية الطبية للمواطنين..
فضلا عن أن عرقلة إجراء التحاليل سيجعل كثيرا من الحالات المصابة بالفيروس غير مسجلة رسمياً، ويقتصر عدد الإصابات التي تعلنها الوزارة على من أجرى التحليل وثبتت إيجابيته، علما أن "الصحة العالمية" دعت مصر الأيام الماضية إلى التوسع في إجراء فحص كورونا للحد من انتشار الفيروس، لكن هالة زايد فعلت العكس وقيدت التحاليل!.
طال تعسف هالة زايد، أطباء التكليف دفعة مارس 2020، إذ تصر على تطبيق نظام جديد حافل بعيوب تنذر بضياع مستقبل 7000 طبيب، ورغم امتناع الأطباء عن التسجيل في نظامها، ومحاولتهم لقاءها، إلا أنها امتنعت وبالتبعية رفض المسؤولون بالصحة، كما لم تحضر اجتماعا دعت له نقابة الأطباء لحل الأزمة، وأيضا لم يرد مجلس الوزراء على الأطباء، ربما دعما لها ضد آلاف الخريجين.
اقرأ ايضا: المؤامرة تتوسع والبشر ضحية
لم يطلب أطباء التكليف معجزة، بل أرادوا العمل بالنظام القديم، لحين تلافي عيوب النظام الحديث الذي أقر على عجالة، وهم على استعداد لبدء العمل في مواجهة جائحة كورونا، وهو ما أيده مجلس النقابة، لأن "النظام الجديد فيه مشاكل حقيقية، وأهم سلبياته عدم جاهزية أماكن التدريب والعدد الكافي من المدربين، ثم تداخل مواعيد الزمالة مع النيابة.. ونحن ندعم شباب الأطباء في مطالبهم العادلة، وعلى الوزيرة الاستماع لهم لحل الأزمة".
تعسف هالة زايد مع "الجيش الأبيض" وأطباء التكليف، يتكرر في وزارة التعليم العالي، إذ لم تحرك ساكنا تجاه إحدى الجامعات المرموقة، رغم مخالفتها التعليمات بشأن امتحانات نهاية العام، ولم تراعي أن الطلبة يدفعون مئات الآلاف نظير الدراسة بها، بل زادت التعسف بتهديد وترويع طلاب سنوات النقل.
قرر المجلس الأعلى للجامعات الاستعاضة عن اختبارات الفصل الثاني، بإعداد الطلاب أبحاث، أو عقد اختبارات إلكترونية بالنسبة للكليات أو البرامج الدراسية الملتحق بها أعداد محدودة.
لكن الجامعة المرموقة، زادت الضغط على الدارسين، بمعارضة قرارات الوزارة، وألزمت الطلاب بإعداد أبحاث إلى جانب اختبارات إلكترونية لكل مادة مع تقارب موعد الاختبارات بما يشكل عبئا كبيرا عليهم، كما انتهكت خصوصية طلابها بإرغام الممتحن على تفعيل "الكاميرا" لتسجيل ما يحدث في مخالفة لنص الدستور.
اقرأ ايضا: أوباما وميشيل "مليونيرية" الإعلام
سعى الطلاب لبحث بدائل أخرى وعرض شكواهم، لكن إدارة الجامعة تمسكت بقراراتها واعتبار غير الملتزم بها "راسب".
ودعا الطلاب إلى "مراعاتهم نفسيا وعدم ابتزازهم وترويعهم والتعدي على خصوصيتهم، إعادة النظر في المصروفات الباهظة، خصوصا أنهم دفعوا مصروفات النصف الثاني من العام ولم يستفيدوا بها، وكذلك الإلتزام بقرارات وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات"، لكن دون استجابة.
يبقى على مجلس الوزراء الالتفات إلى أداء وزيري الصحة والتعليم العالي، وحفظ حقوق الشعب في ظل تعسف وترويع غير مبررين.