رسالة إلى وزير التربية والتعليم
تحفل مواقع بث المقاطع المصورة، مثل «يوتيوب» وغيره، بالكثير من الفيديوهات المبهجة، والتي تترجم فيها أغاني نألفها جميعا عبر لغة الإشارة، حتى يتمكن هؤلاء الذين لا يملكون القدرة على السمع من الاستمتاع بهذه الأعمال الرائعة، وهو الأمر الذى لفت نظري لقضية أظن أنه يجب الالتفات لها.
وأقصد بالقضية هنا حق الصم والبكم في التواصل مع مجتمعهم بشكل سلس بعيدا عن أي ضيق أو حرج، في إطار عملية الاندماج التي ننادي بها جميعا، فلا يعيب المرء أن الله سبحانه لم يمنحه قدرات منحنا إياها، أو كانوا يتمتعون بها ثم فقدوها في حادث أو لأسباب مرضية.
وانطلاقا من هذا، اقترح على وزارة التربية والتعليم أن تستعين بخبراء ومتخصصين لتصميم منهج مبسط يدرسه الأطفال في المرحلة الابتدائية يمكنهم من فهم لغة الإشارة واستخدامها، للتواصل مع أقرانهم الذين لم يهبهم الله نعمة السمع والقدرة على الكلام.
اقرأ أيضا: الفلسفة الحزلقومية في الأعمال الإسبانية
على أن يكون ذلك المنهج مبسطا وبدون أي ضغوط على المتلقين من أبنائنا التلاميذ الصغار، حتى لا يرون في الأمر مجرد مادة جديدة تضاف على ما يدرسونه من مواد أخرى، ويكون كل همهم النجاح فيها من أجل الحصول على درجة، فالمطلوب هو أن تكون القضية قضيتهم وأن يؤمنوا بها حق لهم –لا واجب– عليهم – في التواصل مع أقرانهم ممن لا يستخدمون اللغة المنطوقة في التعبير عن أنفسهم.
وأعتقد أن من ذلك إذابة تلك الحواجز الوهمية التي صنعناها بأنفسنا، لنحرم – ولو عن دون قصد – فئة واسعة من أبنائنا وإخواننا من التواصل مع مجتمعهم، والاندماج فيه بشكل يمنحهم القدرة على التعامل بشكل إنساني مع غيرهم ممن يتمتعون بهذه القدرات الطبيعية.
ربما يعتبر البعض أن هذا الطرح مجرد تفريغ لشحنة عاطفية، ناتجة عن مشاهدة فيديو أو أكثر لواحدة من الأغاني أو المقاطع المؤثرة المترجمة إلى لغة الإشارة، لكن الواقع يقول إن الأمر هو أحد الحقوق الواجبة على المجتمع تجاه فئة معتبرة من أبنائه.
اقرأ أيضا: عمرو أديب.. سائق ميكروباص
ومن ناحية أخرى فإن المجتمع يمكن له أن يستفيد من الفكرة، فشعور هذه الفئة بأنهم جزء طبيعي ممن حولهم، سيحد من الشعور بالاغتراب الذي يصيب البعض منهم لشعوره بأنه «مختلف» عن الآخرين، ما يعني إضافة عنصر قوة جديد – أو بالأحرى معطل – لهذا المجتمع، الذي يجب أن يحتوي ويستفيد من كل قدراته بشكل فعال، فالعنصر البشري دائما هو العامل الأهم في أي معادلة، خاصة في مجتمع مثل مصر، التي وهبها الله طاقات بشرية كانت – وما زالت – هي القوة المحركة لأي نمو وازدهار.
وهذه الفرضية ليست محض خيال، فكثير من المجتمعات حولنا تعتمد على ثروات وطاقات طبيعية مثل البترول والمعادن وحتى السياحة كمصدر أساسي للدخل وأهم عنصر اقتصادي، بينما تعتبر القوة البشرية (عقليا وبدينا) هي الرافد الأهم في شرايين الاقتصاد المصري.
لهذا فإن الاستفادة من إدماج كل مكونات التركيبة السكانية في المعادلة المجتمعية، ليس فقط أمرا إنسانية وواجبا، بل أيضا هو آلية موضوعية لتحقيق أكبر استفادة ممكنة من كل الطاقات الموجودة، وذلك ما يجب أن يترجم لأبنائنا من الصم والبكم.. أن التواصل معهم ومحاولة فهمهم ليست منة من أحد، بل هي إن ذلك منبعه حاجة المجتمع لهم.
اقرأ أيضا: وسع للعقلاء
وختاما، هل يلقى هذا المقترح أو هذه الفكرة صدى لدى الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم.. أتمنى ذلك.